البطل الشعبي

الرياضة 2020/08/12
...

علي الباوي
رفع الاثقال والجري والمصارعة ورمي الاشياء كلها افعال حياتية من جوهر الوجود الانساني على الارض، ليس فينا من لم يحمل ثقلا، ولا يوجد من لم يركض، وقد لا يمر يوم دون ان نتصارع على شيء ما، من هنا أتى التفوق ومن هذه الخاصية الحياتية اشتق البطل.
منذ فجر الحضارات وهناك تقدير للتفوق الذاتي، كل حضارات العالم اعطت قيمة كبرى للانسان المتفوق، ومن اقدم انواع التميز البشري هو الفعل البدني، هكذا بدات فكرة الرياضة ومن هنا جاء الشغف الذي يوحد البشرية.
كل رياضي متميز هو بطل شعبي ترنو اليه العيون بتقدير واحترام واكبار، وعلى هذا الاساس جاء كل التقدير والاعلاء وايضا الفخر.
البطل الرياضي هو حلم وامل، وهو ايضا كالفرسان العظام يتمتع باخلاق عالية، هذه الاخلاق تخص القدرة على تحقيق العدالة.
البطل الرياضي هو حلم شعبي شديد الاهمية، وعليه لابد من ادامة هذه الطاقة وتعظيمها والاخذ بها.
ابطالنا الذين حققوا لنا انجازات عظيمة كانوا على تماس كبير مع الشعب لأنهم منه، وانبثقوا من الحواري والازقة القديمة والمقاهي، هؤلاء صنعوا مجدا عظيما للذين عشقوهم وقلدوهم وامنوا بهم.
في العادة كل الفقراء يحبون الابطال، ومن هنا لا يوجد اي بطل ارستقراطي، فكل الابطال ولدوا من رحم الفقر، وكانوا املا باهرا لامثالهم من البسطاء، لكن الذي يحدث عندنا يثير الحزن، فبطلنا الشعبي اذا ما علا اسمه في العالم يرجع مكسورا الى مقعده في المقهى القديم وكأن شيئا لم يحدث، ومع الزمن تموت الذكريات وتمحى الانجازات، وكأن كل ما جرى مجرد حلم عابر.
ابطالنا الشعبيون يستحقون اجلالا اكثر من النسيان، ومؤسساتنا الرياضية ملزمة بكتابة التاريخ، وإلا فاننا سنفشل في صناعة البطل الجديد.
 الكثيرون يعتقدون بأن البطل الشعبي يحتاج الى راتب تقاعدي وخبر نعي حين يموت، ولا يدركون ان ولادة البطل تعني ادامة كونية للتفوق، وان هذا البطل هو ولادة تعقبها ولادات مستمرة، فلن تتطور الرياضة بانبثاقات عشوائية، وانما هي ديمومة لا تنقطع وعلاقة ازلية بين الجيل الاول والجيل الاخير.
علينا اذا اردنا بناء رياضة سليمة ومنتجة ان نعطي تقديرا فائقا للابطال القدماء، وهذا التقدير لا ياتي بعزاء الموت، فالرياضة العراقية بحاجة الى متحف انجازات، ومؤسسات ترعى الرياضة والرياضيين وتصقل نجوميتهم وتؤسس لتاريخ فعال، وهكذا نحافظ على منجزنا الرياضي من الزوال ونحفز اشبالنا على اتباع خطوات الابطال الاوائل.
لا أحد يأتي من فراغ، ومن المعيب أن ننسى ابطالنا أو أن تكون سعة الذاكرة ضعيفة جدا لا تتجاوز العقد من الزمن، فالكثير من رياضيي القرن الماضي كانت لهم انجازات باهرة، وكانوا مثالا للانضباط وصناعة التميز، وبالتالي فإننا ملزمون بكتابة تاريخنا الرياضي ونفض الغبار عن الابطال الذين يستحقون الخلود.