لندن «مدينة أشباح».. تأثير كورونا في العمل

استراحة 2020/08/13
...

لندن/ أ ف ب
 
 
لا تزال أحياء الأعمال في لندن بعيدة من الصخب المألوف فيها، إذ تبدو شوارعها مهجورة بينما لا يجد عناصر الشرطة ما يقومون به بينما المطاعم مقفلة والموظفون القلقون من جائحة (كوفيد - 19) غير مستعجلين للعودة إلى المكاتب.
فالـ»سيتي»، وهو المركز التاريخي لعالم المال والأعمال البريطاني، لا يزال فارغاً إلاّ من بعض السيّاح الذي يحومون حول كاتدرائية القديس بولس، مع أنَّ المنطقة تعجّ عادة بموظفين شديدي الإنشغال، يذرعون أرصفة هذه الأحياء مستعجلين.
والمشهد نفسه قائم في حي كاناري وارف في شرق العاصمة البريطانية، المشهور بناطحات السحاب الموجودة فيه والتي تضمّ مقار أكبر المصارف وأهم شركات التدقيق المالي. 
ويستمر الوضع على هذا النحو رغم حضّ الحكومة البريطانية مواطنيها منذ الأول من آب الحالي على العودة إلى أعمالهم. وبات على الشركات نفسها أن تتحمل مسؤوليتها، علماً أن عدداً كبيراً منها اتخذ خياره.
وقال بابلو شاه من مركز «سي إي بي آر» للأبحاث الاقتصادية «كثير من زبائننا، وخصوصاً في مجالي الخدمات المالية والتأمين، لن يعودوا قبل السنة المقبلة»، واصفاً لندن بأنها «مدينة أشباح».
وخلال مرحلة تطبيق تدابير الحجر المنزلي الرامية إلى وقف تفشّي فيروس كورونا المستجدّ، لجأ عددٌ كبيرٌ من الشركات إلى العمل من المنزل بواسطة الإنترنت، وحققت هذه التجربة نجاحاً. وقد اعتاد الموظفون على الاجتماعات بواسطة تقنية الفيديو، واستساغوا فكرة عدم الحاجة إلى قطع مسافات طويلة ومتعبة يومياً للذهاب إلى أعمالهم.  ولاحظت جمعية «لندن فرست» التي تعنى بحقوق مدينة لندن أن وسائل النقل المشترك والبقاء مع الأولاد هما المسألتان الأساسيتان اللتان تعوقان عودة الموظفين إلى مكاتبهم والتي يتوقع أن تتكثف في أيلول المقبل.
وأشارت دراسة لمصرف «مورغن ستانلي» الأميركي نشرت هذا الأسبوع إلى أن 34 في المئة فحسب من الموظفين في المملكة المتحدة عادوا إلى أعمالهم، فيما تبلغ هذه النسبة 31 في المئة في لندن تحديداً. 
ولا تزال بريطانيا التي سجل فيها أكبر عدد وفيات في أوروبا متأخرة في هذا المجال عن الدول الأوروبية الأخرى، حيث عادت غالبية الموظفين إلى المكاتب. 
حتى أن عدداً من مسؤولي الموارد البشرية في هذه الشركات أبدوا أخيراً خشيتهم من توترات داخل هذه المؤسسات.  
وتوقعت كايتي جاكوبس من  «معهد شارترد للموظفين والتنمية» مناخ عمل «مفككاً»، وقالت في صحيفة «ذا تلغراف» إن شعوراً بـ»الاستياء» قد ينشأ تجاه الموظفين الذين سيبقون في بيوتهم. 
بدأ هذا الوضع يثير قلق البعض. وكتبت صحيفة «ديلي ميل» على صفحتها الأولى هذا الأسبوع، معلّقة على تكفّل الحكومة جزءاً من فاتورة المطاعم للموظفين: «الآن وقد تأمنت وجباتنا، فلنعد إلى العمل!».
لكنّ العودة إلى الوضع الطبيعي في مراكز الأعمال في لندن لم تعد متوقعة قبل سنة 2021. وقد نصحت شركات كبرى لغالبية موظفيها بمواصلة العمل من منازلهم إلى السنة المقبلة، كمصرف «ناتويست». أما «غوغل» التي استؤنف العمل في تشييد مقرها الضخم قرب محطة «كينغس كروس» للقطارات، فشجعت موظفيها على الاستمرار في العمل مِن بُعد بواسطة الإنترنت إلى تموز 2021.
ولكن من الممكن أن يحصل تغيير في اللهجة، على غرار ما فعل رئيس مصرف «باركليز» جيمس ستانلي. فستانلي الذي أعرب عن استيائه من كون 60 ألف شخص يعملون على طاولات المطبخ» في بيوتهم، تمنى أن يعود الموظفون إلى أعمالهم، واعتبر حتى أن ثمة «مسؤولية حيال أماكن ككاناري وارف ومانشتر وغلاسغو».