بغداد/ هدى العزاوي
أكد عددٌ من المختصين في علم النفس والاجتماع أن الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة هم أكثر المتضررين في ظل أزمة كورونا، لا سيما ان تأهيلهم وعلاجهم السلوكي يحتاجُ الى معاهد ومراكز تم إغلاقها وفق تعليمات الخلية العليا للصحة والسلامة الوطنية التي لم تتوصل الى قرار حاسم لإعادتهم الى التدريب
برامج تكميليَّة
وتوضح مدير قسم الإعاقة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الدكتورة خلود فارس في تصريح خاص لـ»الصباح»، أنَّ «فترة الحظر أثرت وبشكل سلبي في ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يعانون من اضطراب التوحد الذي يحتاج الى برامج تكميليَّة ومتسلسلة وعلى أيادٍ تدريبية قطعت شوطاً كبيراً لإيصالهم الى مرحلة متقدمة من العلاج».
ولكنْ، بدت على نبراتها علامات الحزن والأسى ثم واصلت: «انقطاع التدريب وعدم وجود حلولٍ منصفة لهذه الفئة أعادهم الى نقطة ما قبل الصفر».
مقترحة من أجل مساعدة أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة على الجهات ذات العلاقة «فتح المعاهد والمراكز الخاصة بهذه الفئة وفق إجراءات احترازيَّة؛ منها تدريبهم بشكل فردي والتخلص من مسألة التجمعات وأنْ يكون عدد الأطفال المتواجدين في كل مركز خمسة أطفال لكل ساعة والدوام لمدة سبع ساعات تقريباً، وبذلك نحافظ عليهم من الإصابة بالفيروس وعلى حياتهم الصحيَّة».
اضطرابات سلوكية
«الأطفال ذو الاحتياجات الخاصة بشكل عام والأطفال الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد ونقص الانتباه وفرط الحركة بشكل خاص هم أكثر عرضة للإصابة بالاضطرابات النفسية وأغلب هذه الفئات تشترك أو تتشابه من حيث بعض التأثيرات النفسيَّة للإعاقة بشكل عام كالقلق والتوتر والانفعال واضطراب الإعاقة العاطفيَّة، وفي ظل الظروف التي يمر بها العالم والعراق بشكل خاص بسبب جائحة كورونا وما لها من تأثير نفسي واجتماعي في جميع الأفراد فإنَّ أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة كان لهم النصيب الأكبر من هذا التأثير، ولم يستطع أغلبهم التكيف خلال فترة الحظر».
بهذه العبارات استهل حيدر باسم «مدير معهد لذوي الاحتياجات الخاصة في بغداد حديثه لـ»الصباح»، مضيفاً: «على الرغم من سعي أهالي أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مواكبة التدريب منزلياً وفق متابعتنا عبر وسائل الاتصال الالكتروني، إلا أنَّ أغلبهم لم يستطع تلبية متطلباتهم وأصبحوا أكثر عدائيَّة واضطرابات سلوكية أعادتهم الى المرحلة الأولى من العلاج، وهذا ما سبب قلقاً للكثير من الأسر التي تطالب الجهات ذات العلاقة بإنصافهم وإيجاد حلولٍ سريعة لإنقاذهم من المصير المجحف الذي ينتظرهم بسبب عدم قدرتهم على الاندماج مع المجتمع، إذا ما استمرت الحال على ما هي عليه».
حالات متأخرة
من جانبها تقول مديرة أحد مراكز التوحد في النجف الأشرف وفاء العلويل «الصباح»: إنَّه «ليس من السهل على الأسرة تدريب وتأهيل أطفالها بشكل منتظم، لذا أغلبهم ترك من دون تدريب وجعل الطفل في حالة متأخرة نتيجة إدمانهم على الأجهزة الالكترونيَّة التي تعدُّ أحد أسباب انتكاستهم، وبالتالي ما قطعناه خلال السنوات الماضية أصبح هواءً في شبك، لذلك أناشد الجهات المسؤولة إعادة الدوام الرسمي للمراكز مع اتخاذ جميع الطرق الوقائيَّة للحفاظ عليهم فهم من أكثر الفئات التي يجب الالتفات إليها».
ويرى رئيس قسم البحوث النفسية في جامعة بغداد الدكتور محمد عباس محمد أنَّ «انقطاع ذوي الاحتياجات المفاجئ عن ممارسة برامجهم الخاصة في التأهيل النفسي والمهاراتي والذهني كان له تأثير كبير في تدني وتراجع أغلب المهارات التي اكتسبوها في مراكز التأهيل، وهذه الانتكاسة لها مردود نفسي سلبي على الأطفال وذويهم».
إجراءات وقائيَّة
وأشار محمد في حديثه لـ»الصباح» الى أنَّ «على دائرة ذوي الاحتياجات الخاصة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الأخذ بنظر الاعتبار تطبيق الإجراءات الوقائيَّة الصحيَّة ومتابعتها من قبل لجان متخصصة لضمان سلامة الأطفال ومدربيهم وإعادة فتح جميع مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة والتأهيل النفسي للتقليل من الضغوطات النفسيَّة على أسرهم بسبب توقفها».
وفي سياق ذي صلة بيَّنَ المستشار الدولي وعضو الجمعيَّة العراقية للعلاج النفسي الدكتور حسين خزعل لـ»الصباح»، أنَّ «فقدان المهارات الإدراكيَّة والحسيَّة والحركيَّة ومنها مهارات التواصل مع الآخرين يولد صعوبة في التعامل مع الأطفال مستقبلاً خاصة من ذوي الاحتياجات الخاصة، فالانقطاع عن مواصلة تدريبهم ومتابعتهم يسبب تراجعاً في نموهم العقلي والمعرفي، ما يتطلب إعادة تشخيصهم من جديد نتيجة الإخفاقات في مستوى ذكائهم، فضلاً عن مشكلات النطق بسبب التوقف عن التدريب والتعليم والعلاج، لذا توقف مراكز التأهيل فاقم من حالاتهم الاضطرابيَّة، الأمر الذي يتطلب إيجاد حلول لها وإلا سنواجه حالات أشد لربما نجد صعوبة في معالجتها مستقبلاً».