ملاذ الأمين
من ضمن أولويات الحكومات هي توفير التعليم والضمان الصحي والسكن والعمل لمواطنيها؛ كي تتمكن من محاسبتهم على الأخطاء التي قد يرتكبونها وبما يحدده القانون النافذ.
وتعتمد الحكومات على تحقيق واجباتها تجاه مواطنيها على إمكانياتها المادية وطبيعة المجتمع وحركة الاقتصاد، فقد تواجه حكومة معينة مصاعب لتحقيق ذلك فتتأخر عدة سنين لتنفيذها، أو يكون المجتمع متوسط الثقافة ولا يأبه بقرارات الحكومة، لذا فإنَّ الإجراءات الحكوميَّة تفشل في أغلب الأحيان.
وفي العراق الجديد بعد 2003 وحتى الآن، لم تضع الحكومات المتعاقبة خططاً لتحقيق أولوياتها، وقد تكون قد وضعتها لكنها لم تنفذ على أرض الواقع، فالحكومة تحتاج الى دراسات دقيقة عن أرقام وحجم السكان الذي يحتاج للخدمة الفعلية – الصحية، التعليمية، السكنية، العملية- وهذه الأرقام لا توفرها إلا عمليات التعداد السكاني والذي لم تنفذه الحكومات العراقية منذ عقود كثيرة، لذا فإن الحكومة لديها أرقامٌ تقديريَّة عن عدد الأطفال الذين يحتاجون الى الرعاية الصحية واللقاحات ودور الحضانة والمدارس الابتدائية، وذات الشيء ينطبقُ على عدد خريجي الكليات للأعوام السابقة وتخصصاتهم وجنسهم وتوزيعهم الجغرافي.
ولتدارك نقص فرص العمل للشباب وامتصاص البطالة بشكل عام، على الحكومة أنْ تدعم القطاع الخاص - الزراعي والصناعي والتجاري والسياحي والنقل
والسكن.
فالقطاع الخاص بإمكانه أنْ يستوعب عشرات الآلاف من الشباب حين يتم تفعيله ودعمه من خلال تقنين الاستيراد ومنحه القروض وتقديم التسهيلات له في استيراد مواده الأولية وتصدير منتجاته، فلو أخذنا مثلاً قطاع الزراعة ومنحنا عدداً من الشركات أو مجموعات خريجي كليات الزراعة والطب البيطري مساحات من الأراضي ليتم استغلالها كمشروع لإنتاج محصول معين وتم دعمهم بالأسمدة والبذور والمبيدات وتقنين استيراد المادة المنتجة، نؤشر حينها نجاح المشروع بعد عامٍ واحدٍ وسيتم تشغيل عددٍ كبيرٍ من الشباب في هذا المجال الى جانب استقطاب مشاريع أخرى لهذا النموذج كأنْ يكون حقل دواجن أو تربية عجول أو بحيرات أسماك، وهكذا فإنَّ العراق يمتلك أراضي خصبة ومياهاً وما يؤهله لإنجاح التجربة وتطويرها ومنافسة المنتجات الأجنبيَّة.
هذا الأمر يتم تطبيقه أيضاً على القطاع الصناعي والنقل والسياحة وغيرها، ما يجعل القطاع الخاص في حركة عمل مستمرة لسد ثغرات السوق المحليَّة من البضائع المستوردة بمنتجات وطنيَّة محليَّة منافسة، وهذه العملية لا تكلف الحكومة أموالاً كبيرة، فقط تحتاج الى حزمة من القوانين والضوابط والإجراءات لتشجيعها ومتابعتها لضمان نجاحها، وهذا الامر معمولٌ به في أغلب بلدان العالم.
ولا بد من الإشارة الى أنَّ قطاع الإسكان هو من القطاعات المهمة التي لو أحسنت إدارتها وتم تخصيص الأموال اللازمة لها في بناء وحدات سكنية جديدة وحسب دراسات وزارة التخطيط (إنَّ العراق يحتاج الى ثلاثة ملايين وحدة سكنية نهاية عام 2022) فإنَّ هذا القطاع قادر لوحدة على استيعاب العاطلين عن العمل من الخريجين وغيرهم، لأنه يحتاج الى المهندس والإداري والقانوني والنجار والحداد والكهربائي والفلاح، وبإمكان الحكومة تخصيص أراضٍ لإقامة مجمعات سكنية في محافظات متعددة وتمنحها لشركات أجنبية أو محلية رصينة وتشترط عليها تشغيل العمالة العراقيَّة وغيرها من الأفكار والخطط التي تسهم في امتصاص البطالة وعدم توجه الخريجين الى المطالبة بالتعيينات الحكوميَّة.