د. باسم الابراهيمي
بات من المؤكد أنَّ الفساد المالي والإداري يعدُّ التحدي الأول أمام تطور الاقتصاد العراقي، إذ تم الاعتراف به من قبل أعلى المستويات الحكوميَّة ومعظم رؤساء الوزراء بما فيهم رئيس الوزراء الحالي، وتبقى المشكلة الأساسيَّة في دراسة الموضوع هي صعوبة تحديد الحجم الفعلي للفساد، إلا أنَّ الاستعانة ببعض التقارير والمؤشرات يمكن أنْ توضح بعض جوانبه، إذ
أشارت التقارير السنوية الصادرة عن هيئة النزاهة العراقية الى استرجاع ما يقرب من (10) مليارات دولار خلال المدة (2009 - 2019) من قيمة مبالغ الفساد المرصودة من قبل الهيئة، ومن جهة أخرى أشار تقرير للأمم المتحدة عن الفساد الى أنَّ هناك مبالغ تقدر بـ (17) مليار دولار سرقت من خلال تهريب النفط والشركات الوهميَّة والعقود غير المنفذة.
وعلى الرغم من تحسن ترتيبه عن العام السابق إلا أنَّ العراق لا يزال يحتل مراتب متأخرة في مؤشرات الفساد الصادرة عن منظمة الشفافية الدولية، فقد جاء في المرتبة (162) من أصل (180) دولة في مؤشر مدركات الفساد للعام 2019،
وفي هذا الصدد أشارت التقارير السنوية لهيئة النزاهة الى صدور (14) حكماً بالإدانة في قضايا فساد بحق موظفين هم وزير أو من بدرجته، فضلاً عن (124) حكماً لدرجة مدير عام والدرجات الخاصة للسنوات الثلاث (2017 - 2019) فقط، فضلاً عن ذلك فقد تدنت نسبة البرلمانيين الذين أفصحوا عن ذممهم المالية الى حدود (38 %، 16 %، 35 %) للسنوات المذكورة على
التوالي.
الأرقام المذكورة أعلاه بالإضافة الى أرقام الفساد غير المعلن أو غير المكتشف خلال السنوات الماضية كانت السبب في وصول الاقتصاد العراقي الى ما وصل إليه اليوم مخلفاً بطالة وفقراً تتجاوز خمسي حجم السكان وخدمات لا ترتقي الى نصف
الحاجة الفعليَّة.
وبالمقابل إذا أردنا أنْ نعالج الأزمات الحالية وننطلق بالاقتصاد الى مراحل النمو المطلوبة فإنَّ الخطوة الأولى يجب أنْ تكون مواجهة الفساد المالي والإداري، والحل الأمثل في المعالجة يتمثل في الأتمتة من جهة، فضلاً عن فسح المجال أمام القطاع الخاص ليلعب دوراً حقيقياً في الاقتصاد
من جهة أخرى.