فيروس البرد يتكاثر بشكلٍ أفضل في درجات الحرارة المنخفضة

منصة 2019/01/02
...

ترجمة : نادية المختار
  
ذكرت دراسة جديدة أنَّ فيروس البرد العادي يمكن أنْ يتكاثر بشكل أكثر كفاءة في درجات الحرارة المنخفضة الموجودة داخل الأنف أكثر من درجة حرارة الجسم الأساسيَّة. وقد تؤكد هذه النتيجة الفكرة الشائعة من أنَّ الناس أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد في ظروف الطقس البارد.
وكشف الفريق البحثي كيف تختلف الخلايا في أجزاء متباينة من مجرى الهواء في استجابتها لفيروس البرد العادي. ويمكن للبحث أنْ يساعد في حل لغز تعرض بعض الأشخاص لفيروس البرد للمرض في حين إنَّ آخرين ينجون منه.
يعدُّ فيروس “رينهو” السبب الرئيس في نزلات البرد والربو وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى. فعندما يدخل الفيروس الى الأنف تستجيب الخلايا التي تبطن الشعب الهوائية والمعروفة باسم الخلايا الظهارية، وتطلق الفيروس في كثير من الأحيان قبل أنْ تتمكن من التكاثر وتؤدي الى ظهور الأعراض. ولكنْ في حالات أخرى، يتعرض الأفراد للفيروس اما لأمراض خفيفة أو خطيرة.
استخدم الفريق الخلايا الظهارية من متبرعين أصحاء، مشتقة إما من الممرات الأنفيَّة أو من الرئتين. وقاموا بكشف كلا النوعين من الخلايا مع الحفاظ على الظروف ذاتها في زراعة الخلايا الى فيروس الأنفلونزا. ولدهشتهم، لاحظوا استجابة أقوى مضادة للفيروسات في الخلايا الأنفيَّة.
وللتحقق أكثر من ذلك، أطلق الباحثون مسار مراقبة الفيروسات المعروف باسم “مسارRIG-I –” في كل من الخلايا الأنفيَّة والرئة. فوجدوا أنَّ كلا النوعين من الخلايا ولدت استجابة مضادة للفيروسات واستجابة دفاعية ضد الإجهاد التأكسدي، وهو شكلٌ من أشكال تلف الخلايا الناجم عن الفيروسات وغيرها من المهيجات المستنشقة مثل دخان السجائر أو حبوب اللقاح أو طلع الأشجار. ففي الخلايا الأنفيَّة كانت الاستجابة المضادة للفيروسات أقوى، ولكن في الخلايا القصبيَّة، كان الدفاع ضد الإجهاد التأكسدي أكثر وضوحاً.
 
السبب الأكثر شيوعاً
وفي تجارب إضافيَّة، توصلوا الى دليل على وجود مقايضة تتمثل في أنَّ الاستجابة الدفاعيَّة ضد الإجهاد التأكسدي أغلق الدفاعات المضادة للفيروسات. ولتحقيق ذلك، كشف الفريق عن وجود خلايا أنفيَّة تتحول الى إجهاد تأكسدي في شكل دخان السجائر، ثم الى فيروس البرد، ووجدوا أنَّ الخلايا الأنفية أكثر عرضة للفيروس.
وقد عرف الباحثون منذ فترة طويلة أنَّ السبب الأكثر شيوعاً للبرد هو فيروس الأنفلونزا، إذ يتكاثر بسهولة أكبر في البيئة الأكثر برودة في التجويف الأنفي مما هي الحال عليه في الرئتين الأدفأ. ومع ذلك، فإنَّ التركيز في الدراسات السابقة كان على كيفيَّة تأثير درجة حرارة الجسم في الفيروس مقابل نظام المناعة، كما يقول البروفسور اكيكو ايواساكي، مؤلف الدراسة وأستاذ علم المناعة في جامعة ييل الأميركيَّة.
وللتحقق من العلاقة بين درجة الحرارة والاستجابة المناعية، قام ايواساكي، بالتعاون مع البروفيسورة ايلين فوكسمان، بفحص الخلايا المأخوذة من المجاري الهوائية للفئران. وقارنوا الاستجابة المناعية لفيروس الأنفلونزا عندما احتضنت الخلايا عند درجة 37 درجة مئوية، أو درجة حرارة الجسم الأساسية، وعند برودة 33 درجة مئوية.
يقول ايواساكي: “وجدنا أنَّ الاستجابة المناعية الفطرية لفيروس الانفلونزا تضعف في درجة حرارة الجسم الأدنى مقارنة بدرجة حرارة الجسم الأساسيَّة”.
وأشارت الدراسة أيضاً الى أنَّ درجات الحرارة المتغيرة تؤثرعلى الاستجابة المناعية بدلا من الفيروس نفسه. ولاحظ الباحثون تكاثر الفيروس في خلايا مجرى الهواء لدى الفئران التي تعاني من قصور جيني في أجهزة الاستشعار في جهاز المناعة التي تكتشف الفيروس وفي الاستجابة المضادة للفيروسات. ووجدوا أنه مع هذه العيوب المناعية الا ان الفيروس تمكّن من التكاثر عند درجة الحرارة المرتفعة.
يقول ايواساكي: “هذا يثبت أنه ليس مجرد فيروس جوهري، بل هو استجابة المضيف وهذا هو المساهم الرئيسي في الواقع.” 
 
أدلة وتطبيقات 
وعلى الرغم من أن الأبحاث أجريت على خلايا الفأر، الا أنها تقدم أدلة قد تفيد بأن الناس يؤوون فيروس البرد طوال الوقت لذا فأن الاستجابة المناعية الفطرية تكون أقل للفيروسات بمقدار20 بالمئة تقريبا. وهذا يؤكد أن قصص rhinovirusطوال الوقت والتي يطلق عليه اختصارا تسمية الـ يكون موجودا 
القدامى التي توصي الجميع بالحفاظ على دفء اجسامهم وحتى تغطية أنوفهم كلما انخفضت درجة الحرارة لتجنب الاصابة بنزلات البرد. 
ويأمل الباحثون في تطبيق هذه النظرة بكيفية تأثير درجة الحرارة على الاستجابة المناعية للظروف الأخرى، مثل الربو في مرحلة الطفولة. ولاحظت فوكسمان، أنه في حين أن نزلات البرد ليست أكثر من مصدر ازعاج للكثير من الناس، الا انها يمكن أن تسبب مشاكل شديدة في التنفس للأطفال المصابين بالحساسية التنفسية وضيق الصدر ونوبات الربو. 
تقول فوكسمان: “انهم ينجون من دخان السجائر لكنهم لا يستطيعون مقاومة الفيروس ايضا. اذ ينمو الفيروس بشكل أفضل. ويشير هذا الى توازن دقيق بين آليات الدفاع المختلفة في الجسم حيث تحمي بطانة مجرى الهواء الخاصة بنا من الفيروسات، وكذلك المواد الضارة الأخرى التي تدخل المسالك الهوائية. اذ ان مجرى الهواء يحقق نجاحا جيدا اذا واجه ضغطا في كل مرة. ولكن عندما يكون هناك نوعان مختلفان من الضغوطات، فتحدث مقايضة. فما وجدناه هو أنه عندما يحاول مجرى الهواء الخاص بنا التعامل مع نوع آخر من الاجهاد، فانه يمكن أن يتكيف، ولكن الثمن يكون التعرض للاصابة بعدوى فيروس الأنفلونزا.”
 
 عن ساينس ديلي