تشكيل حكومة لبنانية خلال أسبوعين وإرجاء استجواب الوزراء

قضايا عربية ودولية 2020/08/15
...

بيروت / جبار عودة الخطاط 
«الحكومة الجديدة قيد التشكيل} هذا ما كشفه رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، مؤكداً ان ذلك يجري {وسط ضغوط دولية تتعرض لها قوى سياسية في لبنان» . جعجع أضاف ان “هناك حكومة على قيد التشكيل، ونفعل ما بوسعنا لتكون مستقلة لا كسابقتها”، وان”هناك ضغطا دوليا هائلا لم نلمسه من قبل.”
ولم يوضح جعجع المزيد من المعلومات حيال طبيعة الحكومة المزمع تشكيلها والأطراف التي تمارس الضغوط على لبنان. 
وفي سياق الكارثة التي عصفت بمرفأ لبنان ، قال جعجع إنه “لا يعترف بالتحقيقات الجارية بشأن الانفجار، مجدداً مطالبته بتحقيق دولي» .
 
تمثيل حزب الله
الى ذلك علمت (الصباح) من مصدر قريب من قوى 8 آذار، أن {هناك جهات لبنانية تحاول إرسال (رسائل مغرضة) الى (الخارج) مفادها بأن الوضع في لبنان لا يستقيم مالم يتم إقصاء حزب الله من الحكومة الجديدة» مضيفاً «أن هذا الطرح لم يتم التفاعل معه من قبل الفرنسيين الذين كان طرحهم من خلال الرئيس ماكرون واقعياً خلال زيارته لبنان» غير أن ثمة تسويات أخرى وصلت تسريباتها لـ (الصباح) يمكن أن توافق عليها باريس تتمثل بمشاركة غير مباشرة للحزب في الحكومة وهو الأمر الذي لا يمكن تمريره بفعل الموقف المبدئي الواضح من الثنائي الشيعي في لبنان (حزب الله وحركة أمل) حيث يجزم قيادي بارز في ​الثنائي الشيعي​، ان «لا حكومة من دون ​حزب الله» ، مؤكدا ان كل التسويات الدولية التي تتولاها ​فرنسا​ والتي تقول بتمثيل الحزب بشكل غير مباشر في ​الحكومة​ ​الجديدة​ مرفوضة ولا يمكن السير بها.
 
مهلة اسبوعين
وتشيرُ المعلومات الى أن العامل الدولي كما يبدو الآن يختلف عن مرحلة ما قبل فاجعة المرفأ و هناك اصرار دولي  على ضرورة ​تشكيل الحكومة​ الجديدة في مدة اسبوعين على ابعد تقدير، وأن وظيفة الحكومة الجديدة ستقتصر على ادارة الازمة الاقتصادية الخانقة والعمل على الإصلاحات المطلوبة بمعزل عن تأثير قوى الفساد واعادة الاعمار ومواجهة وباء ​كورونا​ فضلاً عن تهيئة وتشريع قانون انتخابي جديد بالعمل مع مجلس النواب. 
 
حركة دبلوماسية
هذا وشهد لبنان حركة دبلوماسية دؤوبة من عدة مسؤولين دوليين بارزين وبدا جدول مقابلات الرئيس اللبناني مزدحماً خلال اليومين الأخيرين إذ ركز الرئيس ميشال عون  خلال لقائه مساعد ​وزير الخارجية​ الأميركية للشؤون السياسيّة السفير ​ديفيد هيل​ على تصميمه على اجراء الاصلاحات الضرورية ​ومكافحة الفساد​ و»لن يتوقف عن هذين الأمرين إطلاقا» .
و عرض ​الرئيس اللبناني ما توصلت له نتائج التحقيق في كارثة مرفأ بيروت “وطلب المساعدة خصوصا لمعرفة كيف وصلت الباخرة الى ​لبنان​ ومن هي الجهة التي سهلت وصولها» 
كما التقى  ​الرئيس ميشال عون​ وزيرة ​الجيوش الفرنسية​ ​فلورانس بارلي​، بحضور السفير الفرنسي ​برونو فوشيه​، والوفد المرافق لها. 
وأكد الرئيس اللبناني عزم بيروت على الوصول الى الخيوط الدقيقة التي أدت الى فاجعة مرفأ بيروت ومحاسبة المتسببين وأن يكون التحقيق بذلك حازماً بمستوى الحدث المأساوي. 
 
حاملة طائرات
وأعلنت الوزيرة  الفرنسية ​ «أن حاملة طائرات الهليكوبتر تونير البرمائية المجهزة بمستشفى​، غادرت متوجهة إلى لبنان، وتليها سفينة شحن مستأجرة من قبل الوزارة».
ولفتت الى انه “سيتم نقل الفرق الهندسية والمواد بالإضافة إلى 200 طن من الدقيق ومنتجات الألبان ومنتجات الأطفال و 134 طنًا من الحصص الغذائية و 75000 لتر من مياه الشرب ومواد إعادة الإعمار، وبالإضافة إلى ​المساعدات الغذائية​ المبرمجة، يمكن تسليم 20 ألف طن من القمح و20 ألف طن من الدقيق في الأيام المقبلة”، موضحة ان “هذه المساعدات تقدمها الدولة وكذلك الشركات والجمعيات والقطاعات الزراعية».
كما التقى ​وزير الخارجية​ في ​حكومة​ ​تصريف الأعمال​ ​شربل وهبة​، صباح امس الجمعة نظيره الإيراني ​محمد جواد ظريف​ الذي أكد استعداد إيران لتقديم المساعدات المطلوبة الى لبنان. 
 
القضاء الدولي
الى ذلك أكد الوزير السابق ​ألبير سرحان​  أنه لا يثق بالقضاء الدولي في ما يخص كارثة المرفأ مضيفاً أن  «عظمة هذا الحدث دفع الناس الى طرح أسئلة عديدة قد يكون أكثرها في غير محله. المهم أن القضية رفعت الى ​المجلس العدلي​ وصدر المرسوم بذلك وصدر قرار بتعيين المحقق العدلي. «
وتمنى سرحان أن “نترك القضاء يعمل بحرية وراحة من دون أن نعرضه لضغوطات وتشكيك وإتهامات”، لافتا الى أن “القضاء الدولي ليس سريعا والدليل هو قضية اغتيال ​رفيق الحريري​، منذ 15 سنة لم تظهر رغم أنها ​محكمة​ خاصة متفرغة لهذه القضية دون غيرها. لدي ملء الثقة بالقضاء اللبناني​ لأنه يمكن محاسبة القاضي بينما القضاء الدولي ليس لنا رقابة عليه».
نقيب المحامين اللبنانيين ​ملحم خلف​ من جانبه أشار الى” اننا لن نقبل بأن يتوقف التحقيق بتفجير​ مرفأ ​بيروت​ عند ​المدراء العامين​ فقط، بل يجب الاستماع الى إفادات كل الوزراء واذا كان هناك مسؤولية على احد فليتحمل مسؤوليته».
 
استجواب الوزراء
على صعيد ذي صلة قرر المحامي العام التمييزي في لبنان القاضي غسان الخوري إرجاء التحقيقات التي كانت مقررة بدءا من أمس الجمعة الى حين إرسال ​القاضي فادي صوان​، الذي جرى تعيينه محققا عدليا في الجريمة، كتابا الى ​النيابة العامة التمييزية​ حول عدم اختصاصه في التحقيق مع وزراء، بحيث يعود الأمر الى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء​ عبر النيابة العامة التمييزية، على أن تتابع بعدها التحقيقات لتحديد مسؤولية الوزراء المعنيين. وكان يفترض على القضاء اللبناني الشروع من الجمعة، بالتحقيق مع عدد من الوزراء اللبنانيين السابقين والحاليين، الذين وقع مرفأ بيروت في نطاق مسؤولياتهم، لاستجوابهم حول تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12، حيث أفاد مصدر قضائي لبنانى، بان المحامي العام لدى محكمة التمييز، القاضي غسان خوري، يبدأ الجمعة “أمس” التحقيق - كما كان مفترضا- مع وزير الأشغال السابق غازي العريضي، على أن يستدعي الأسبوع الحالي وزراء الأشغال السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، وميشال نجار من حكومة تصريف الأعمال بالإضافة إلى عدد من وزراء المال والعدل السابقين.
 
تحديد المسؤوليات 
ووفقا للمصدر القضائي، فإن استجواب الوزراء اللبنانيين يأتي فى سياق تحديد المسؤوليات، وحصرها بالأشخاص الذين أهملوا أو تجاهلوا خطر إبقاء المواد المتفجرة في المرفأ، من إداريين وأمنيين وعسكريين وقضاة وسياسيين.
واستجوب القاضي خوري، الأربعاء الماضي ، عشرة ضباط من الجيش اللبناني وأمن الدولة والجمارك العاملين في المرفأ، بالإضافة إلى عدد من الإداريين في جهاز الجمارك، وهم الآن رهن التحقيق ولا يزال قرابة 20 شخصا، بينهم المدير العام الحالي للجمارك بدري ضاهر والسابق شفيق مرعي، بالإضافة إلى مدير مرفأ بيروت حسن قريطم، موقوفين.
تاتي تلك التطورات  في أعقاب الانفجار الكارثي الذي وقع في مرفأ بيروت، وخلّف 171 قتيلا وأكثر من 6 آلاف جريح، وعشرات المفقودين فضلاً عن الخسائر المادية الفادحة.