آن الوقت لقانون غرامات رادع يلزمنا ارتداء الكمامة والتباعد السليم
من القضاء
2020/08/15
+A
-A
بغداد/ هدى العزاوي
بتسارعٍ منفلتٍ ارتفعت أعداد الإصابات بفيروس كورونا في البلاد، وسجلت الوفيات أرقاماً مخيفة، ما جعل العراق بؤرة إقليميَّة قابلة لأسوأ التوقعات. هذه الخيبة جاءت من تكرار فشل حظر التجوال بفرعيه الكامل والجزئي، وعدم القدرة على التحكم في البيئة الوبائيَّة. وبينما تحاول وزارة الصحة باجتهاد ومثابرة إثبات مضيها في التحدي بات من الواضح أنَّ العراق فشل في إدارة المشهد المجتمعي، وتعطلت كل
القدرات التي تلزم بإجراءات السلامة الصحيَّة.
رقم مرعب
بالأمس القريب وصلنا الى سقف 4000 إصابة في اليوم الواحد، وهذا رقم مرعب إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار التصاعد المتلاحق والتوقعات التي لا تستبعد تخطي حاجز
الـ 5000. ورغم هذه المعطيات المقلقة نرى المواطن العراقي يحافظ على لا مبالاته وكأنَّ ما يحدث شيء لا يعنيه، وهذا الاسترخاء في الحقيقة يعني فشل جميع الإجراءات الحكومية التي كان يفترض بها أنْ تكون حازمة وجادة تماماً ومتابعة للتجارب العالمية وحتى العربية التي طبقت قوانين الغرامات بصرامة وألزمت الناس بارتداء الكمامة وبالتباعد الصحي.
على هذا الأساس دعا عددٌ من الأطباء والخبراء القانونيين السلطة التشريعيَّة الى إصدار قانون يعزز من الإجراءات الوقائية أسوة بالدول الأخرى التي استحدثت بدورها مخالفات مالية صارمة بحق من لا يلتزم بإجراءات السلامة العامة.
مستشار لجنة الصحة والبيئة النيابية الدكتور عمارجبار أفاد في تصريح خاص لـ”الصباح”: بأنَّ “القوانين والتعليمات الخاصة بحظر التجوال التي اعتمدتها وزارة الصحة وخلية الأزمة لتقليل عدد الإصابات أثبتت عدم جدواها، لا سيما خلال الأيام الماضية، إذ شهدت المؤشرات ارتفاعاً في عدد مصابي جائحة كورونا تجاوز السقف المسموح
به”.
وأضاف أن “وزارة الصحة لم تخرج الى الآن بتقييم عن نسبة الحظر المطبق فالقضية ما زالت مبهمة وعلى الوزارة الخروج بمؤشرات تؤكد فائدة الحظر الجزئي أو الشامل بالسيطرة على انتشار الوباء”.
مبيناً أنَّ “عدم وجود تقييم حقيقي لحظر حقيقي فلا فائدة من تطبيق أو إعادة هذا الإجراء”. واستدرك الدكتور عمار جبار: “اليوم نحن بحاجة الى تعديل قانون الصحة العامة وتطبيقه بشكل فعلي على أرض الواقع خاصة بما يتعلق بالعقوبات المفروضة على كل من يسهم في انتشار الأوبئة”.
تقصير حكومي
من جانبه انتقد نقيب الأطباء العراقيين الدكتور عبد الأمير محسن، السلوك المجتمعي وعدم الالتزام بالإجراءات الوقائيَّة من قبل المواطنين، موجهاً اللوم الى الحكومة: “لا توجد أية قوانين رادعة لمحاسبة المصابين غير الملتزمين بإجراءات السلامة العامة”.
وتوقع الدكتور محسن في حديثه مع”الصباح”: بأنَّ “عدد الإصابات خلال الأيام المقبلة ستكون بشكل مضاعف والخسائر ستكون بشكل أكبر، لذلك يجب التركيز على الجانب الوقائي وليس العلاج كون المرض ليس له علاج الى الآن”.
مشيراً الى أنَّ “الدولة إذا عولت على وعي المواطن في الالتزام من دون اتخاذ إجراءات صارمة بحق المخالفين أو تشريع قانون يلزم بفرض غرامة على كل من يخالف السلامة العامة، فالأمر لن يجدي نفعاً، خاصة أنَّ الكثير من المصابين غير ملتزمين وما زالوا يتجولون من دون
إجراءات وقائيَّة”.
وطالب الدكتور محسن خلال حديثه لـ”الصباح” الجهات ذات العلاقة بـ”الإسراع بفرض عقوبات صارمة وإنْ كانت بزيادة الغرامة المالية كما فعلت الدول المتقدمة كانكلترا التي فرضت غرامة 100 جنيه استرليني لكل من لا يرتدي الكمامات حتى تكون رادعاً لمخالفي تعليمات الخلية العليا للصحة والسلامة
الوطنية”.
تعليمات أخرى
الى ذلك دعا رئيس مركز الرافدين للتنمية الصحية الدكتور صلاح الموسوي خلال حديثه لـ”الصباح” الى “إضافة تعديلات على قانون الصحة العامة الذي ينظم كل ما يتعلق بإجراءات الحفاظ على السلامة وعدم انتشار الأمراض، لذا يجب إجراء تعديلات على هذا القانون خاصة أنَّ العالم قبل كورونا مختلف عما بعد انتشار هذا الفيروس
المستجد”.
مضيفاً: “نحن بحاجة الى تعليمات تستند الى قانون الصحة العامة وتصدر من رئيس الوزراء عن طريق وزارة الصحة وتساعد في تطبيقه الوزارات الأخرى كوزارة الداخلية والأجهزة الأمنيَّة”.
مقترحاً “مراجعة قانون الصحة العامة بشكل أساسي، فضلاً عن مراجعة النظام الصحي في العراق بشكلٍ كامل، فجميع الدول المتقدمة عدلت من أنظمتها الصحية استناداً الى تداعيات جائحة كورونا، اليوم النظام الصحي في العراق بحاجة الى تطوير وبالشكل الذي يتلاءم مع السقف الزمني لبقاء الفيروس، ووفق تصريحات منظمة الصحة العالمية فالفيروس سيستمر ولن ينتهي بسنة أو سنتين لذا يجب الوقوف على النقاط الأساسيَّة للتعايش مع الوباء وبطرق صحية وعلمية خاضعة للدراسة”.
قوانين ملزمة
الخبير القانوني طارق حرب أشار في تصريح خاص لـ” الصباح” الى أنَّ “مخالفة أوامر اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية تشكل جريمة من نوع الجنحة وفق المادة 240 من قانون العقوبات 111 لسنة 1969 تتضمن حكماً بالحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر ودفع غرامة ماليَّة”.
معرباً عن أسفه لعدم “تطبيق هذا الحكم بحق المخالفين، لذا إصدار قانون جديد سينتبه الآخرون الى أنَّ هناك تشديداً على الإجراءات الوقائيَّة حتى وإنْ كانت عقوبات القانون الجديد العقوبات ذاتها الموجودة في القانون النافذ والموجود حالياً”.لافتاً الى أنَّ “ترويج نص قانوني جديد داخل مجلس النواب ويكون مقيداً بظرف زمني وسينتهي بانتهاء أزمة كورونا سيحقق الكثير من الالتزام من قبل المواطنين.. لذا يجب الإسراع بتشريع قانون يعزز من الإجراءات الوقائيَّة”.
قانون التباعد الجسدي
وعلى صعيد متصل طالب عميد كلية قانون جامعة بابل الدكتور ميري كاظم الخياني بأنْ يكون هناك “قانون عقابي يسمى قانون التباعد الجسدي من الناحية الصحية ويصاغ مشروع القانون بمواد
عقابيَّة”. مبيناً أنَّ “جميع الإجراءات المتخذة من قبل الجهات ذات العلاقة إجراءات إداريَّة غير ملزمة وليس لديهم نصوص عقابيَّة رادعة لمعالجة الانضباط الاجتماعي أو ما يسمى بالإجراءات
الوقائيَّة”.
مؤكداً خلال حديثه لـ”الصباح”: أنَّ “الحظر أصبح عديم الجدوى في ظل ارتفاع عدد الإصابات خلال فترة التسعة أيام من عيد الأضحى والجهات ذات العلاقة ضعيفة في تطبيق حظر شامل وصارم على الشارع العراقي، بالتالي الحظر أصبح إعلامياً وليس واقعياً، فموضوع الحظر والإجراءات المتعلقة بتطبيقه لا يجب التفكير به كونه إجراءً شكلياً لذا يجب أنْ نفكر بإجراء تشريع يسمى قانون التباعد الاجتماعي يمر بمرحلة التشريع ويعرض من قبل مجلس الوزراء على مجلس النواب ويكون قانوناً مؤقتاً وتعطى به مادة قانونية ومن صلاحية مجلس الوزراء تفعيله بالوقت الذي يراه مناسباً حتى يكون نصاً قانونياً دقيقاً يخول لمجلس الوزراء إعادة العمل به حيث ما كانت به ضرورة، خصوصاً أنَّ هذا القانون يتعلق بمخالفة السلامة الصحية المتعلقة بارتداء الكمامات في الأماكن العامة أو في مراجعة المراكز أو المولات وإجراء العقوبات على كلا الطرفين صاحب المكان ومن لا يلتزم بالإجراءات مع فرض غرامة وحبس لمدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على خمسة عشر يوماً”.