مصمم الإنتاج جيس غونشور: مهمتي رواية القصة بصريَّاً

الصفحة الاخيرة 2020/08/15
...

ترجمة: على الياسري 
 
 
 
يرى جيس أن مصمم الانتاج هو الشخص الأول في الفيلم بجانب المخرج، منذ بدء التحضيرات ومتطلباتها الى آخر يوم تصوير. لفت الانظار إليه بالعمل البصري لعناصر المشهد، وما يترتب عليه من رؤية للفيلم وهو ما رشحه لجائزتي أوسكار. شكلت شراكته الفنية مع الاخوين كوين المسار الأبرز في سيرته. 
 
* ما الذي دفعك لأن تصبح مصمم انتاج؟ 
- لطالما شعرت بامتلاكي لنظرة على ما يمكن أن يروي قصة. القدرة على التمييز بين ما هو جيد وما هو غير مناسب لسرد حكاية. طبيعة الخلفية التي يتأسس عليها القص. إذا كان هناك مشهد صامت، فما الذي يمكن ان يدعم رواية الحكاية بصرياً؟ أشعر أني وقعت في مبنى استوديو تصوير الافلام، فأحببته واحتضنته. 
 
* كيف حصلت على أول عمل كمصمم انتاج لفيلم؟ 
- لم يكن الأمر سهلا على الإطلاق، لذلك بدأت مع تصميم الاعلانات التجارية. كان أملي أن أقدم أعمالاً جيدة بما فيه الكفاية للفت نظر أحدهم. أصررت على جلب الحظ الجيد بالعمل الشاق إذ عملت مع بينيت ميللر-مخرج سينمائي- في الكثير من الاعلانات. في أحد الأيام إلتفت ميللر لي وقال «جيس هل لديك الرغبة في الذهاب الى وينيبيغ- مدينة كندية - والقيام بفيلم عن ترومان كابوتي؟» فقلت «بالتأكيد، دعنا نذهب!» من هناك تم الاعتراف بعملي وأمكن للناس ملاحظة امتلاكي لرؤية أستطيع من خلالها رواية قصة بصرياً، وقدرتي على تصميم شيء ما، وأن اتحمل المسؤولية المالية للميزانية. هناك الكثير من الأشياء التي تدور حول تصميم الانتاج. 
 
* وفق نظرتك الشخصية، هل يمكنك تعريف دور مصمم الانتاج بالضبط؟ 
- سأقول إن مسؤوليته هي رواية قصة بصرياً. لو استبعدنا جانباً التمثيل والغناء والأداء وشاهدنا الفيلم بدونهم، هل مازال بمقدوره سرد الحكاية حتى من دون كلام منطوق؟ هل ثمة معنى لما تشاهده؟ هل احتفظ الفيلم بقدرته على استمرارية السرد بصرياً؟ هذا هو عمل مصمم الانتاج. تقرأ النص وتسأل نفسك، «حسناً، كيف يمكنني رواية هذه القصة بصرياً؟»ثم عليك ان تخرج لبقية الطاقم وتخبرهم «حسناً، هذا مكان يصلح لأن نفعل فيه شيئاً، بعدها علينا العمل على مسرح لأجل كذا، ثم سنقوم بتصوير مشهد في القطار، بعد ذلك سنعود للاستوديو لاكمال بقية المشاهد. يتوجب عليك جمع العديد من القطع معا وتنظيمها، ثم الاجابة عما هي الميزانية اللازمة. أمر لا يمكنك تجاوزه وإلا سينظرون إليك بكونك شخصا باهض التكاليف، لا يفهم ما يتطلبه الامر لتصوير مشهد وبناء جدارين فقط. انا أؤمن بشدة بضرورة امتلاك المفاهيم العامة التي تحدد رؤيتي وما يتطلبه دوري بصناعة الفيلم والمتعلقة بكل شيء من السيارات الى مواقع التصوير ومتطلباتها، الى بناء الديكورات العملاقة في الاستوديو، وحتى القلم والورق الذي يكتبون عليه.
 
* كيف انخرطت في العمل مع الاخوين كوين؟ ما الذي جذبهم إليك؟ 
- دائما ما كنت متابعاً لأفلامهم. في عملنا هذا الكثير من الأمور تتعلق بالتوقيت. كان فيلم «كابوتي»يُعرض في الصالات فشاهداه. وقتها كانا في طور البحث عن الشخص المناسب لتصميم فيلم لـ « لا وطن للعجائز”. تناهى الى علمي أنهما اجريا مقابلات، مع العديد من الأشخاص وأعياهما عدم الحصول على ما يرغبان. حينها كنت أعمل بأحد الافلام. اتصلا بوكيلة أعمالي وقالا لها «هذا الشاب جيس نريد التحدث اليه، قد يتناسب مع عائلتنا هنا. نحن متواضعون للغاية مع ميزانية منخفضة. بسطاء جدا. عندما نبالغ في اظهار شيء ما لا يزال بالإمكان التقليل منه بطريقة او بأخرى”. لكني لم أكن متاحاً، ثم فجأة توقف العمل عندها اخبرتني وكيلتي بترتيبها لموعد مقابلة مع الاخوين. بعد قراءة النص أطلعتهم على رؤيتي لما يمكن ان يبدو عليه فيلم «لا وطن للعجائز”. وكانت ضربة موفقة. منذ ذلك الحين تعلمت ما يعجبهما، وفهما ما أحبه. تولدت بيننا رابطة من التفاهم والتناغم في تحقيق متطلبات صناعة الافلام. 
 
* كيف توصل رؤيتك لباقي العاملين بقسم الانتاج الفني؟ 
- نقوم بأبحاث مكثفة وواسعة، وعلى جدران القسم نلصق قصاصات البحث. حين كنا نعمل على فيلم «يعيش القيصر»امتلأ الرواق الممتد لمسافة 300 قدم بأبحاث متعلقة بالعصر وأفلام تلك الحقبة مثل افلام جين كيلي. الاغاني والرقص وكل شيء يخص ذلك الزمن. بعدها أضع المفاهيم الاساسية والرسوم التوضيحية على الجانب المقابل من الرواق، ثم أقسمها الى مشاهد حتى يستطيع جميع العاملين بالفيلم النظر 
اليها. بالعادة يستغرق الأمر شهرين. وضعها بهذا الشكل يخلق عند الجميع التصور الكامل للفيلم. في عملي دائما ما أقوم بعمل لوحة ألوان للتوافق مع مصمم الازياء، وأحيانا هو او هي يتفقان معي على لون آخر. من المهم الحفاظ على نسق تواصل بين المفهوم الأساس والمقاربات الأخرى.