أمراض النزعة التركية

آراء 2020/08/17
...

علي سعدون
لن يغيب عن المتابع للوضع السياسي التركي ومراميه التوسعية في اعادة النظر بأبّهة الدولة العثمانية البائدة، التي يتناساها التاريخ المعاصر بسبب من تطور الاحداث واستقرار الوضع السياسي في البلدان، التي كانت عين العثمانيين ترنو اليها باعتبارات التبعية والهيمنة، ولم تشفع عندئذ اطروحة اتاتورك في بناء عقلية تركية جديدة تتناغم مع المحيط الدولي وتتطلع الى ان تكون جزءا من العالم المنتج والمتطور والفاعل في الساحة الدولية. اقول لن يغيب عن المتابع لهذا الدور، امكانية سقوط تركيا في براثن التوسع المقيت وقد صارت بوادره اقرب الى الحقيقة اكثر منها فرضيات سياسية نقرأها ونحللها على وفق صورة الاحداث المتلاحقة، وعلى وجه الخصوص التدخلات التركية في سوريا وليبيا واليونان ومصر بطريقة لا تنم عن عقلانية سياسية تتطلبها حالات التوازن في التعامل السياسي بين البلدان، فضلا عن دعمها للحركات الاصولية التي تتناغم معها ايديولوجيا.  
ما يهمنا بهذا الصدد هو التدخل التركي والاعتداءات التركية على العراق منذ الاطاحة بالنظام العراقي السابق في العام 2003 وهي اعتداءات اخذت منحى خطيرا في التعامل مع بلد جار للأتراك لم يناصبهم العداء على مدى تاريخه المعاصر، إذ لا توجد مسوغات لهذا الامر سوى النزعة المريضة، التي يحدوها امل العودة الحالمة بأجواء ومناخات تاريخ الهيمنة العثمانية على مقدرات البلدان المحتلة آنذاك. وفي الحقيقة ان هذا التهويم لم يكن ليتحقق لو لا وجود فسحة مخيال يتماهى مع فكرة الخلافة التي تسللت الى العقل التركي والسياسة التركية منذ وصول حزب العدالة والتنمية الى سدة الحكم. 
هذا ليس كل شيء في النزعة التركية المريضة، وان الاصرار على التوسع والتغول لم يكن بريئا ولم يكن من مقتضيات مصلحة الامن القومي التركي مثلما يروج له الاعلام في انقرة - لندع الاعلام وصناعة الراي العام جانبا -، لأنه ببساطة شديدة سيركز على استنهاض القيمة الوطنية المحلية امام ضياع الحقوق التاريخية المزعومة !!.. لهذا يمكننا القول إن ايادي دولية كانت  تعطي الاتراك الضوء الاخضر وفقا لمصالحهما المشتركة، ووفقا لقضية التخادم بين تركيا وبين الغاضين الطرف عن كل حماقات الاعتداء والتدخل في البلدان التي تجاورها، ان ذلك سيشير الى ان تركيا عملت في الخفاء على كسب ود الولايات المتحدة الاميركية، وود روسيا، واستطاعت شأنها في ذلك شأن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين من تنسيق وضعها في المحيط الدولي خارج الاطر التقليدية لشعاراتها المعروفة، اعني تجربة الاخوان المسلمين في التعامل السري بهدف اكتساب الشرعية الدولية بالتنسيق – طويل الامد – مع الدول الكبرى، الدول التي ترفع الشعارات ضدها جهارا نهارا، بغية اقناع الموهومين من البسطاء ببراءة هذه الايديولوجيا من الدول التي تهيمن على العالم. وهي لعبة بدت ملامحها تتضح كلما اتسع المشهد العنيف الذي يصور تركيا وهي تمد اذرعها يمينا وشمالا غير عابئة برأي عام عالمي او قوانين دولية تنظم حياة الشعوب وتدين الاعتداء والتدخل والاستقواء على البلدان.
تنصيص / التدخل التركي والاعتداءات التركية على العراق منذ الاطاحة بالنظام العراقي السابق في العام 2003 وهي اعتداءات اخذت منحى خطيرا في التعامل مع بلد جار للأتراك لم يناصبهم العداء على مدى تاريخه المعاصر.