السوشيال ميديا و {العلاكة}

آراء 2020/08/17
...

حمزة مصطفى
حتى لحظة كتابة هذا المقال كنت من أشد المعارضين لمواقع التواصل الاجتماعي، بدءا من الفيس بوك و..حط إيدك، السبب لأنني كنت، ومازلت الى حد كبير، أبني قناعاتي على ماتتضمنه من إنحلال وتفسخ وأحيانا انحطاط في كل شيء بمن في ذلك، بل في مقدمة ذلك القيم والأخلاق والمبادئ، ولمن يعرف قصة العجوز وابنها الهارب من الجندية أيام زمان واستعلامات وحدته العسكرية، فإن القيم والمبادئ والأخلاق كانت "في العلاكة. اليوم أصبحت "القيم والمبادئ والأخلاق" على كل شفة ولسان معروضة في السوشيال ميديا لمن يريد التعليق أو التيليك أو التمويل أو الاكتفاء بالفرجة المجانية.    
كل هذا حصل بفضل "الآلهة الأربعة" وهم مؤسسو  كبرى شركات التكنولوجيا في العالم أي "فيس بوك، غوغل، أمازون، أبل" ورؤساؤها هم   مارك زوكربيرج  "فيس بوك" وتيم كوك " آبل"، وجيف بيزوس  "أمازون"، وسوندار بيشاي  "جوجل". لست أريد الحديث عن ثرواتهم الشخصية أو اصول شركاتهم العملاقة، إذ تخطت بعضها ترليونات الدولارات، أما الثروة الشخصية لكل واحد فأعلاها جيف بيزوس بواقع 180 مليار دولار متخطيا بعشرات مليارات الدولارات الثري المخضرم بيل غيتس الذي تبلغ ثروته 94 مليار دولار فقط، وهذا الأخير سبق هؤلاء جميعا حين أسس ميكروسوفوت في مجال تقنيات الحاسوب. 
القصة ليست في الثروة الشخصية ولا في ما باتت تحصده هذه الشركات من أموال هائلة تتفوق على شركات النفط والهاتف النقال والصناعات الثقيلة، بل ان مهمة هذه الشركات تكمن في التعامل مع الإنسان عبر التطبيقات المختلفة، أعود الى معارضتي لهذه المواقع حتى قبيل كتابة هذا المقال كون أنني بنيت قناعاتي البدوية العلي الوردية على أن الفيس وأخوانه لا "العلاكة" هي سبب خراب وتخريب قيمنا وأخلاقنا ومبادئنا، أعتقد أن الأمر ليس كذلك بالمجمل، أكيد هي أسهمت لا مجال لإنكار ذلك، لكن لنكن صريحين في هذه المسألة. وهنا أطرح سؤالا: هل كوزمبيرغ مسؤول عن سوء استخدامنا لهذه  المواقع؟ ربما أقول نصف نعم كونه ساوى من حيث الاستخدام "بين الكرعة وأم الشعر" بحيث أتاح المجال لأي مستخدم يفتح حساب مجاني ويتساوى من حيث الاستخدام من هو محصن أمام أي مغريات  مع من لا يمتلك المناعة ولا الحصانة.  غير انه  بصرف النظر عن الحصانة من عدمها وهذه تحتاج الى مقال منفصل لا بد من الالتفات على نقطة أساسية، كانت هذه التطبيقات السبب الرئيس في كشفها وتقوم من خلالها بدور الرقابة الشعبية إن صح  التعبير وهي الكشف عن أشياء كثيرة مستورة أو مسكوتا عنها، الفيديوات المعروضة كثيرة جدا التي أخرجت القيم والأخلاق والمبادئ من "العلاكة" وجعلتها في متناول  اليد، بدءا من أبسط مواطن الى أعلى مسؤول في الدولة. لنكتفي بفيديو الطفل المعذب من قبل القوات الأمنية، وبعده بأيام ضابط النجدة المعذب من قبل المواطنين "المتظاهرين"، هذان الفيديوان اختزلا واختصرا العلاقة الجدلية التي دخنا بها مثل دوختنا بشأن الربط السككي ونترات الأمونيوم والاتفاق الاستراتيجي .. بين المبادئ والقيم والأخلاق والعلاكة.