المنافذ والتنمية

اقتصادية 2020/08/17
...

ياسر المتولي 
يخطئ من يتصور ان ايرادات المنافذ الحدودية هي الحل الامثل لعقدة موارد الموازنة كيف؟
لأنَّ المنطق الاقتصادي يستند الى طبيعة العلاقة بين الاقتصاد الريعي والاقتصاد المنتج، فالعلاقة عكسية بين حجم ايرادات المنافذ والتنمية، فكلما كانت موارد المنافذ مرتفعة، فانها تدلل على انخفاض الانتاجية وارتفاع السلوك الاستهلاكي اي بمعنى زيادة حجم الاستيرادات على حجم الصادرات، الا اذا كانت الزيادة ناجمة عن ايرادات الترانزيت، فعند ذلك تكون اساسية ولكن للاسف الى الان لم ينفذ مشروع المستقبل (الترانزيت معطل).
هناك حقيقة مفادها ان ميزان المدفوعات هو الحد الفاصل لمؤشر التنمية، حيث ان ميل كفة الميزان هو الفيصل، فكلما كان حجم الصادرات اعلى من حجم الاستيرادات، فان النتيجة لصالح التنمية والعكس صحيح.
لذلك لا يمكن التعويل على ايرادات المنافذ كلياً وبذلك يكون اقتصاد البلد اسير ريعية المنافذ هذه المرة مع افتراض ثبات سعر النفط عند حدوده الحالية، وذلك لان زيادة حجم ايرادات المنافذ معناها ضياع المزيد من العملة المتأتية من ايراد النفط التي يفترض أن توجه نحو التنمية. 
وبذلك نخسر التنمية بسبب عدم القدرة على توجيه العملة الصعبة نحو تحريك الجانب الانتاجي الذي هو الاساس في تنويع مصادر التمويل، عدا دوره الكبير في حل مشكلة البطالة الضاغطة ودوران عجلة الانتاج ورفع كفة ميزان المدفوعات باتجاه الصادرات.
رؤيتي التوضيحية جاءت على خلفية كثرة التصريحات عن المنافذ الحدودية والتعويل التام على ايراداتها.
نعم إيرادات المنافذ الحدودية مهمة والسيطرة عليها واجبة، كونها تسهم في جانب بسيط من مجالات تنويع موارد الموازنة، إلا أنها ليست الأساس فيها، بل كما ذكرت قد تكون عائقاً للتنمية وتحويل البلد الى مستهلك كسول عاجز عن الإنتاج.
يأتي هذا الحديث ليدفع باتجاه تجديد دعواتي المستمرة بأنْ يكف الكثير عن تصريحاتهم وخصوصاً ممن هم ليسوا مختصين بالشأن الاقتصادي كونهم يشوشون على صاحب القرار.
فالتنمية لا تتحقق بدون تصحيح مسار النظام المؤسسي وادارة الموارد المالية وتدويرها بشكل سليم واعتماد الخطط الممنهجة التي تعتمد على استثمار رأس المال البشري وتجعله منتجاً نشطاً لا مستهلكاً كسولاً.
الآن دقت ساعة العمل ولا بد من خلع ثياب الكسل والنهوض مبكراً نحو سوق العمل والانتاج وهذا الدور يجب أن تتقاسمه الدولة عبر 
جهازها التنفيذي مع القطاع الخاص، الاولى تخطط والثاني ينفذ كي نحقق الشراكة المطلوبة بينهما وبذلك تتحقق التنمية المنشودة.
كلمة لا بدَّ منها اقول: قارنوا بين مزايا ايرادات المنافذ وعيوبها ستصلون الى حقيقة كيف تدار التنمية .