التنظيم الغائب ..

الرياضة 2020/08/18
...

خالد جاسم

من بين حلقات المنظومة الرياضية العراقية الغارقة في فوضى التنظيم وانعدام التخطيط الصحيح تبرز حلقة الاحتراف الذي مايزال خاضعا لمنطق الاجتهادات وعامل المال وانبطاحه تحت سطوة السماسرة وحلاوة العمولات من دون أن يخضع لأي دراسة صحيحة أو يوضع في وعاء تنظيمي تحكمه الضوابط والمعايير الفنية والعلمية التي تجعل منه مصدر استقطاب للفن والخبرة والمهارة ورافد مؤثر يسهم في التطور والارتقاء في المستويات والنتائج وليس أن يكون عنصرا طاردا للكفاءة المحلية ورصاصة اغتيال للموهبة العراقية . وللأسف الشديد برزت في مواسم التخمة المالية التي تميزت بها الكثير من أنديتنا وعلى وجه الخصوص أندية المؤسسات وتلك المتنعمة بموارد حكومية كبيرة ظاهرة اللهاث وراء اللاعبين والمدربين الأجانب عربا وغير عرب وفي الألعاب الجماعية المنظمة ومنها كرة القدم في الدرجة الاولى ثم ألعاب أخرى مثل كرة اليد والسلة والطائرة مع أن تاريخنا في هذه الألعاب وحتى الأمس القريب يؤكد اننا قوم مصدرون في كفاءات اللعب والتدريب في هذه الفعاليات والأسماء المحترفة التي حلقت عاليا في سماء الاحتراف الخارجي كثيرة ولايتسع المجال لذكرها لكن أن ينقلب الزمن في دورة معاكسة ونكون نحن المستوردون فذلك مؤشر منحدر بل وخطير على المدى المستقبلي المنظور لأنه يضرب رياضتنا في الصميم . نحن لسنا مع الانغلاق وعدم الاستعانة بالخبرات الأجنبية سواء في اللعب أو التدريب بل نحن في حاجة ماسة الى تلك الخبرات والمهارات من أجل تطوير واقعنا الرياضي في شتى ضروب الرياضات الفردية منها والجماعية ونحن كذلك نعاني من فقر مدقع في المدربين المتخصصين في ألعاب ومنتخبات الانجاز العالي والفعاليات الفردية الأخرى كما تبرز حاجتنا الى كفاءات تدريبية أجنبية في بعض الألعاب الأخرى لكن أن تتم عملية الاحتراف وفق الطريقة الفوضوية السائدة في السابق وربما تكون لها امتدادات مقبلة فهو أمر بحاجة الى إعادة نظر بل وتدخل مطلوب من الجهات الرياضية المسؤولة إذ لايعقل أن تنصب أهتمامات إدارات الأندية في دوري الكرة على سبيل المثال على استقدام اللاعبين العرب والافارقة ومن مستويات لاتخدم تطور اللعبة بقدر ماتلحق بها أضرارا كبيرة ربما لاتظهر اثارها ونتائجها في الوقت الراهن لكن سلبياتها ستكون حاضرة بقوة في زمن قريب لأن مثل تلك العشوائية في الاحتراف تحقق أهدافا انية ربما ليست ذات فائدة حقيقية لكن تقتل المواهب العراقية وتحرم لاعبينا ومدربينا من فرص حقيقية في العطاء والبروز ناهيك عن الأبعاد السلبية لهذا النوع من الاحتراف الذي يساعد على تجفيف ابار الموهبة ويزرع بذور الانكسار واليأس في نفوس مبدعينا  سيما إذا كانت مستوياتهم هي أفضل بكثير من تلك العملات الكروية المستوردة لغايات تخدم جيوب اخرين أولا وأخيرا .نؤكد مرة أخرى نحن لسنا ضد الاحتراف الايجابي لكننا نجدد القول أن ماعشناه ومانشهده من احتراف هو نوع من التخريب (غير المقصود طبعا) في رياضتنا التي حان الوقت لأن تخضع تجربة الاحتراف فيها الى دراسة جادة ومخلصة بغية وضع مساراتها في الطريق الصحيح .