ستراتيجيَّة لتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي

اقتصادية 2020/08/18
...

بغداد/ فرح الخفاف 
شجع نجاح الموسم الزراعي هذا العام بفضل الدعم الحكومي الذي جاء في ظروف أزمة كورونا وانعكاساتها على حياة المواطنين الذين اعتمدوا بشكل غير مسبوق على المحاصيل المحلية بأنواعها كافة، وتمكن الفلاح العراقي من تلبية حاجات السوق، على التوجه لإعداد ستراتيجيَّة لتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي على المدى البعيد.
وربما يرى الكثير من الخبراء في المجال الاقتصادي أنَّ الفرصة مؤاتية لاستعادة تسمية "أرض السواد" وجعلها حقيقة على أرض الواقع بعد عشرات السنين من الإهمال بسبب السياسات الخاطئة.
ومن بين هؤلاء الخبراء، المختص رائد العامري، الذي قال لـ"الصباح": إنَّ "الإهمال وسياسات تشجيع الفلاح على هجرة أرضه دفعته الى التمدن، والحروب التي خاضها النظام المباد، وإرهاب (داعش) قبل تحرير المناطق، أدت كلها إلى التراجع خلال السنوات الماضية".
واستدرك بالقول: "لكنَّ هذا العام كان مختلفاً بكل المقاييس عما سبقه، فعادت الثقة بين الفلاح والمواطن الذي بدأ يفضل المحاصيل والمنتوجات الوطنية على المستوردة، كما شهد هذا الموسم وفرة في العديد من المحاصيل غطت الاحتياجات، وبدأ التفكير في التصدير للبلدان المجاورة أو الإقليمية، إذ وصل ما حصده الفلاح لدولة الإمارات مثلاً، وهذه بشرى خير".
وأعلنت وزارة الزراعة، الشهر الماضي "تصدير 750 طناً من البطاطا والباذنجان والطماطم للإمارات"، كاشفة عن "وجود طلب دولي على المحاصيل الزراعية العراقيَّة".
كما أكدت أنَّ فرض هيبة الدولة على المنافذ الحدودية أسهم بحماية المنتج المحلي ودعم الفلاحين.
ويرى العامري أنَّ "نجاح هذا الموسم، يجب أنْ يدرس بشكل جيد وعلى ضوئه يتم وضع الخطط والستراتيجيات، حتى نصل الى مرحلة الاكتفاء الذاتي بشكل تام لما يمكن زرعه وحصده في العراق، ثم نبدأ نصدر للدول بشكل واسع".وفي هذا الصدد، ترأس وزير التخطيط الدكتور خالد بتال النجم، اجتماعاً لفريق الأمن الغذائي والاجتماعي الخاص بمواجهة جائحة كورونا.
وأكد الوزير خلال الاجتماع، أنَّ الأسواق العراقية تشهد استقراراً واضحاً في وفرة وأسعار المواد الغذائية، مبيناً أنَّ معدلات الأسعار ارتفعت في بداية ظهور الوباء بنسبة 6 %، بينما كانت التوقعات تشير إلى أنَّ الارتفاع سيتخطى حاجز الـ(40 %).
وأشار إلى أنَّ أسعار الخضراوات سجلت انخفاضاً في أسعارها خلال شهر حزيران الماضي بنسبة (10 %) مقارنة مع شهر أيار، مؤكداً أنَّ اللجنة تواصل مراقبتها لحركة الأسواق ومستويات الندرة والوفرة للمواد الغذائية، واتخاذ الإجراءات المناسبة لمعالجة أي خلل قد تتعرض له الأسواق.
وكشف النجم عن العمل على صياغة ستراتيجيَّة حقيقيَّة، لتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي في البلد من خلال دعم الزراعة وتحريك الصناعة، وتوفير البيئة المناسبة لعمل القطاع الخاص.
يشار الى أنَّ وزير الزراعة محمد كريم الخفاجي أعلن أنه "لأول مرة بتاريخ العراق نصل الى الاكتفاء الذاتي من الحنطة هذا الموسم بأكثر من 5 ملايين و500 ألف طن"، معلناً "تسلم أكثر من 400 ألف طن من الشعير، ولدينا 700 ألف طن من العام الماضي، وأكملنا جميع الاستعدادات لتصديرها خلال الأيام المقبلة".
كما كشف الوزير عن خططٍ متطورة لتصدير الفائض من التمور واعتماد طرقٍ تسويقيَّة جديدة.
وفي الإطار نفسه، استضافت لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابيَّة برئاسة وزير الزراعة.
وتم على الصعيد التشريعي، بحسب بيان تلقته "الصباح"، الاتفاق على إعداد خطة تشريعيَّة مشتركة بين اللجنة والوزارة لتحديد القوانين المهمة وذات الأثر الإيجابي على واقع القطاع الزراعي وحماية المنتج المحلي وأهمها قانون إيجار الأراضي الزراعية والاتفاق على تشريع قانون توحيد الأصناف الزراعية، فضلاً عن تشريع قانون التعديل الثاني لقانون التدرج الطبي البيطري رقم 136 لسنة 1980.
وفي ما يتعلق بالمحور الرقابي، فقد تم الاتفاق على مفاتحة وزارة الصناعة لتجهيز وزارة الزراعة من المنتج المحلي وفق المواصفات المطلوبة، إذ وجهت اللجنة بإصدار كتاب يلزم وزارة الزراعة بذلك.
كما بحثت اللجنة موضوع تسعيرة الكهرباء والمحروقات (الكاز)، إذ بين وزير الزراعة مطالبته بتوفير دعم بنسبة 50 بالمئة للمزارعين، وقد أيدت اللجنة هذا المقترح من خلال كتاب الى المجلس الوزاري الاقتصادي بهذا الشأن.