علي رياح
المسألة تتعلقُ دوما بالرؤية بعيدة النظر، وبالإرادة الحاسمة، وبالنية الخالصة لوجه الكرة العراقية!
ما يتسرّب، وهو كثير، عن إعداد المنتخب الأول لاستكمال التصفيات المونديالية - الآسيوية المزدوجة، يؤكد مجددا أن كثيرا مما نحسبه تخطيطا لغد سيأتي عاجلا أو آجلا، ليس سوى خطوات آنية تحكمها الحاجة والمتغيرات والتأثيرات، وكثيرا ما تسير بالبركة!
ليس هذا انطباعا فقط عمّا يجري اليوم، ففي سنوات عديدة مضت تعثر كثيرا إعداد منتخب وطني أول يرقى إلى طموحات العراقيين ويلبي رغبتهم في النجاح الدولي .. وهذا الانطباع أضعه أمام صورة تنطق بما يعدل صفحات من الكتب، تمرّ أمام ناظريّ في مناسبة أو بدونها، فلا اتعثر بها، وإنما اتوقف طويلا لكي اتمعن فيها .. الموعد عام 1986 .. والخبر (44) لاعبا يتم استدعاؤهم لتشكيل أربعة فرق تلعب في ما بينها لكي يتم تشكيل المنتخب العراقي الثاني، بعد أن حظيت نخبة أخرى من نجوم الكرة العراقية بأماكنها المعهودة في المنتخب الأول!
أربعة فرق كان يحمل كل منها اسم مدربه .. فريق لعمو بابا، وآخر لأنور جسام، وثالث لأكرم سلمان، ورابع لواثق ناجي.
أما النظر في ملامح وتفصيلات تلك الصورة، فسيزيدك فخرا بهذه الخصوبة التي جُـبلت عليها الأرض الكروية العراقية .. تخيّـلوا لاعبين مثل سعد قيس، حبيب جعفر، ليث حسين، سلام هاشم، عدنان حمد، محمد كاظم، صادق موسى، نزار أشرف، حسن كمال، إسماعيل محمد، صباح عبد الحسن، مهدي جاسم، عبد الأمير ناجي، عدنان كاظم، عباس عطية، رائد خليل، وعد عبد الوهاب، حسن علي، جليل صالح، طالب جلوب، محمد فاضل، عبد الاله عبد الواحد، حسام نعمة، علي رستم، وغيرهم يلعبون مباراة الوصول إلى المنتخب العراقي (الثاني) الذي كان سيشارك في دورة الخليج العربي الثامنة في البحرين 1986 ..
مهما اختلفنا على طريقة استدعاء اللاعبين أو ترتيب تلك المباراة على عجل، فإن المعنى الأول الراسخ يبقى أن الكرة العراقية ولادة – بتشديد اللام - لم تكن يوما ما أرضا بورا ..
كانت لدينا في أزمنة عديدة تعددية في الفرق التي تمثلنا، لتتاح الفرص أمام عشرات اللاعبين ومعهم ملاكاتنا التدريبية المعطلة الآن للعمل والانتاج، ولم يكن الاهتمام مقصورا على فئة محددة معلومة من اللاعبين، أي أننا لم نكن نضع بيضنا في سلة واحدة!
ولكن الأهم من هذا أن تجد الرؤية بعيدة النظر، والإرادة الحاسمة، والنية الخاصة للبناء والتخطيط ولو لأشهر قليلة قادمة، بدلا من هذا التيه الذي عاشته اللعبة خلال سنوات عديدة مضت وتعيشه اليوم، فتجد اتحاد الكرة وهو يعيش ليومه فقط، ولا يتدبّر أمر غد سيأتي حتما!.