ثقافة الاعتذار ..متى يتعلمها الزوجان ؟

اسرة ومجتمع 2019/01/04
...

عدوية الهلالي 
الاعتذار عبارة قد تعني الكثير عندما تكون صادقة تنبع من قلب محب يرغب حقاً باصلاح ذات البين وقد لا تعني شيئاً، عندما ينطقها اللسان شأنها شأن اية كلمة اخرى، فلماذا نخطئ ولماذا نضطر الى الاعتذار ؟..
كرامة الزوج 
في مجتمعنا الشرقي ، حيث يتربى الرجل على انه صاحب الحق في بيته دائماً في كل ما يقوله وما يفعله يصبح اعترافه بالخطأ امراً ليس هيناً وقد تسهم المرأة بترسيخ هذه المفاهيم دون ان تدرك ذلك وكثيراً ما يشعر الازواج ان اعتذارهم من زوجاتهم يشكل تنازلاً او اهانة لكبريائهم، فعلى من يقع اللوم في ذلك ؟ السيدة فداء جعفر، متزوجة منذ عشر سنوات ترى ان الزوج يتناسى ما يفعله ويجد اعتذاره من زوجته اهانة لكرامته، اما اذا اخطأت الزوجة فيطالبها بالاعتذار وربما يعاقبها ويجب ان يدرك الزوج ان زوجته تفرح كثيراً باعتذاره وان هذا الاعتذار يمحو خطأه مهما كان ويفتح صفحة جديدة من الحب والتسامح، مضيفة.. ان المرأة بطبعها عاطفية وكل ما تسعى اليه هو استمرار حياتها الزوجية لذا تلجأ الى الاعتذار والمصالحة حفاظاً على بيتها حتى لو لم تكن مقتنعة تماماً بخطئها لأنها لاتستطيع اجبار الزوج على الاعتذار ..
السيدة فاتن عبد الامير تتفق مع وجهة نظر زميلتها فهي متزوجة منذ خمس سنوات بعد علاقة حب طويلة ولم تصدق يوماً ان الرجل الذي احبها بكل ذلك العنف يمكن ان يخطئ بحقها او يهينها احياناً او يلجأ الى العنف معها فبعد زواجهما لم يعد يتقبل كل ما تقوله وصار يثور لأتفه الاسباب، اذا عارضته فهي المخطئة دائماً في نظره وعندما كانت تخاصمه وتطلب منه الاعتذار يسخر منها وتؤكد عبد الامير ان المرأة افضل من الرجل في النسيان، فقد تعودت ان تنسى مايفعله كي تستطيع العيش معه فهي تحبه وتدرك انه طيب القلب، كما انه يعتذر احياناً حين يشعر انه تمادى كثيراً بشرط الا تطلب هي منه ذلك ..
 
 درجات الاعتذار 
الاخصائي النفسي محمد عبد الله يقول: ان درجات الاعتذار تتفاوت من حين لآخر ومن شخص لآخر وحسب نوع الخطأ، فعندما نخطئ بحق انسان يتولد لدينا احساس بالذنب وفي هذه الحالة يكون الاعتذار ضرورياً وصادقاً للتخلص من الشعور بالذنب والحصول على الراحة النفسية اي ان قناعة المخطئ بارتكابه الخطأ هي الاهم وهنا يكون الاعتذار صادقاً، كما ان اعتذار الرجل من زوجته اهم من اي شخص آخر يعكس درجة عالية من الثقة بالنفس والشجاعة والصراحة ووعي الانسان لأخطائه، فجمال الاعتذار ان يأتي من شخص تحبه وتدرك حبه لك ورغبته في التمسك بك وبعلاقته معك، اما عندما يكون الاعتذار كاذباً، فانه يخلق حالة من عدم الثقة بين الطرفين فقد يتمادى المخطئ ويكرر خطأه ويرفض من يقع عليه الخطأ التسامح وربما تتراكم الاخطاء وتخلق حالة من الكبت التي تولد انفجاراً، قد يؤدي الى شرخ في العلاقة الزوجية ..
وينقسم الناس في ادراكهم لثقافة الاعتذار الى ثلاثة اصناف –حسب عبد الله –فمنهم من يمار س الاعتذار السريع وهو مراجعة النفس مباشرة عند وقوع الخطأ غير المقصود او السلوك السلبي عند حالة الغضب ..والصنف الثاني هو من يمارس الاعتذار بعد مراجعة النفس وهو مايأتي متأخراً نوعاً ما ، بعد ان يقضي المخطئ حالة مراجعة للموقف ومحاكاة النفس حيث تنتابه حالة تأنيب للضمير وقد يبدي اعتذاراً رسمياً او يدبر موقفاً غير مباشر ليبين رغبته في تصحيح سلوكه ..اما الصنف الثالث فهو الشخص المدرك تماماً لحجم اخطائه، لكنه يكابر ويمتنع عن الاعتذار ويطالب الناس ان تتقبله كما هو ..ويعاني النوع الثالث من الناس من ضعف الشخصية وعدم القدرة على مواجهة المواقف ويمكن ان يتصف صاحبه بالغرور فليس عيبا ان يخطئ الانسان ولكن العيب ان يستمر في الخطأ ..والغريب ان يكثر مثل هذا الصنف الثالث في مجتمعاتنا
 العربية!!
 
 اعتذار وليس اعذاراً 
الاعتذار تقويم لسلوك سلبي يظهر خلاله مدى شجاعة الفرد على مواجهة الواقع ولهذا ينصح الباحث التربوي الدكتور مازن عبد اللطيف بأن نعتذر من الاخرين ونحاول فهم من حولنا وان اختلفت افكارنا معهم، فلو كان كل واحد يعتقد انه على صواب لما تراجع أي منا عن خطأ ارتكبه في حق شخص آخر ..اما بالنسبة للاعتذار بين الزوجين فهو ثقافة غير معتادة في مجتمعاتنا وهي اساس حضارة المجتمعات بينما تعاني مجتمعاتنا من اندثار القيم وطغيان المفاهيم الاقتصادية التي حولت الكثيرين الى اشخاص انانيين، كما ان الرجل الشرقي لايجيد بطبعه فن الاعتذار ويعود ذلك الى تربيته التي تقوم على انه لايخطئ ..فهناك ازواج –حسب عبد اللطيف – يعتبرون اقدامهم على الاعتذار ضعفاً واستكانة ، وفي المقابل ، هناك زوجات يقبلن الاعتذار على مضض، لكنهن يذكرن الزوج باعتذاره في مناسبة وغير مناسبة كوصمة عار دائمة، لذا فاغلب الازواج لايجيدون الاعتذار ولايقبلونه أيضا بل يقدمون على تقديم اعذار فقط ..
المحامي ماجد النعيمي يرى ان الاعتذار يحتاج احيانا الى الشجاعة وربما التنازل متسائلاً عن كيفية  شعور المعتذر اذا قوبل بالرفض ، فهو يعتقد ان الاعتذار وقبوله يعتمد على اخلاق الطرفين –المخطئ ومن وقع عليه الخطأ – فمهما كان حجم الخطأ فان الله غفور رحيم وانعم على البشر بنعمة النسيان وتسامح الانسان يدل على سعة قلبه ورجاحة عقله وبدون التسامح تصبح الحياة مستحيلة ومليئة بالحقد والكراهية وقد تنعكس النتائج على البيت والاطفال لذا يجب تشجيع المعتذر من خلال قبول اعتذاره، وكون البعض ينظرون الى المعتذر نظرة دونية لايعني ان نمتنع عن الاعتذار فاولئك انما يعكسون حالة من قلة الوعي والتعالي وبالتالي لايستحقون ان يبادر المرء بالاعتذار لهم فهم لايملكون معرفة مايسمى في العالم اجمع بثقافة الاعتذار التي ترتبط بثقافة المجتمع وحضارته، فعلى مجتمعنا تعليم الاجيال معنى الاعتذار وقبوله وحسب حجم الخطأ ونوعه كي نصل الى مستوى حضاري في التعامل فيما بيننا، اما بالنسبة للزوجين فعلى الزوجة احترام كبرياء الزوج وادراك حجم الاعباء التي يتحملها في يومنا هذا وبدوره ، ينبغي على الزوج احترام كرامة الزوجة وان لا يخجل من الاعتراف بخطئه والاعتذار فهي بالنتيجة اقرب الناس اليه ورفيقة دربه ..