رفقاً بأرواح العراقيين

آراء 2020/08/24
...

د. سعد العبيدي
دخلت البلاد الإسلامية حسب تقويمها الهجري شهر محرم، وبدأت الاستعدادات في العراق وفي مناطق الوسط والجنوب على وجه الخصوص، لإحياء الشعائر الحسينية التي صارت أقرب الى التقاليد الثابتة، وأخذت اتجاهات التصعيد والغلو في بعض الأحيان، وفي هذا المقال لا نود مناقشة الشعائر وطبيعتها وماهية الصحيح منها وغير الصحيح، إذ أن للفرد والجماعة الحق والحرية في إحياء الشعائر التي يريدون، مبدأ تلتزم به الديمقراطية الصحيحة التي اختار العراق السير على دربها سياسيا واجتماعياً، ومع هذا فالنقاش في هذا الجانب الحيوي سيتركز على مديات تأثير هذه الحرية في صحة الآخرين وحدودها في التأثير، في وقت باتت فيه الإصابات الخاصة بجائحة كورونا تتصاعد بوتائر كبيرة في عموم مناطق العراق والمناطق المزدحمة منها والفقيرة على وجه الخصوص، حتى قيل إن بعض المناطق فقدت الدوائر الصحية فيها السيطرة من كثرة الإصابات، وهذه حقائق يرجع المطلعون أسبابها الى مستوى الوعي المتدني لدى سكنة تلك المناطق وعدم التزامهم بالتعليمات الصحية التي تصدرها دوائر الدولة المعنية، لذا باتت الخشية من أن تكون عوامل التدني بمستويات الوعي هذه وعدم الالتزام بالأوامر الحكومية والارشادات الصحية باقية أو ماثلة في هذا الشهر، وهو الاحتمال الأكثر وروداً، الأمر الذي يدفع المواطنين في المغالاة بممارسة الشعائر، التي يحتم أغلبها التجمع والتقارب والاحتكاك والتنفس عن قرب والتعرق التي تتسبب جميعها أو يمكن عدها وسائل لنقل الفيروس عن طريق العدوى. 
إن الله سبحانه وتعالى بقرآنه الكريم والدين الإسلامي الحنيف بتعاليمه السديدة أوصى بالحفاظ على الروح الإسلامية وأكد ضرورة حمايتها من الأذى حتى من ذاتها، والائمة الأطهار لو جازت استشارتهم افتراضاً أو لو حصلت مثل هذه الآفة في أزمنتهم لما وافق واحد منهم على تأدية الشعائر الحسينية، كما هي في العادة وبالطريقة ذاتها، لأنهم يدركون على وفق منزلتهم الدينية ودرجاتهم العلمية الأخطار التي تتأتى من ممارستها، ولأنهم لايريدون حتماً الأذى لأبناء ملتهم. ولأنهم يدركون بمرونتهم المعهودة أن إحياء الشعائر التي يراد لها التقرب من فكر الإمام الحسين وأهدافه وتطلعاته في إقامة العدل يمكن التغيير في بعض طقوسها حفاظاً على العلاقة الروحية مع الإمام الحسين عليه السلام، وهي الأهم، وفي الختام يمكن القول إن الوقت أمام العراقيين الآن حرج جداً، إذ الانتشار الواسع للإصابات والموقف خطير جداً لاحتمالات زيادة معدل الاصابات، وهذان يحتمان اتخاذ قرارات مهمة وحاسمة ليس من قبل المراجع الدينية الكبار وحدهم وهم الذين يتحملون المسؤولية الاعتبارية في الأمر والنهي، بل وكذلك من بعض المفاصل التي تدير المواكب وتهيئ لها والأجدى من قبل الأشخاص الذين يمارسون الشعائر خاصة الشباب الذين يسجل طوال الأشهر السابقة أنهم الأكثر مخالفة لتعليمات الصحة والتباعد الاجتماعي، والقول أيضاً ان الموقف يتطلب قرارات شجاعة لحماية الأبناء.