د. وليد الحلي
إن نهضة الإمام الحسين (ع) التي استطاعت الاستمرار في ديمومة نشاطها عبر القرون استهدفت إيقاظ الضمير الإنساني والوعي الرسالي لمعرفة أنواع الظلم والخداع والمكر لسلب الوعي والعلم والكرامة الإنسانية، والوقوف لصالح قيم الحق والعدل، ووضعت الشعار الآتي
( أَنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشِراً وَلَا بَطِراً وَلَا مُفْسِداً وَلَا ظَالِماً، وَإِنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ الْإِصْلَاحِ فِي أُمَّةِ جَدِّي أُرِيدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ).
النهضة استهدفت تغيير وإصلاح الإنسان في الجوانب الإيمانية والسياسية والالتزامات والواجبات، والارتقاء بإنسانيته حتى يكون مؤهلا لتحمل مسؤوليته الفردية أمام ما تقتضيه واجباته الملزم بأدائها، وذلك من خلال إصلاح سلوكه وطريقة تعامله مع أخيه الانسان والمجتمع و السلطة، والاستدلال على انتهاج الطرق الشرعية والقانونية في حل المسائل التي تحتاج الى موقف وقرار.
تراجيديا انتفاضة الطف حركت الجانب العاطفي للإنسان لتحفيز الوعي والعقل والضمير والإحساس الإنساني، والأمة الإسلامية ابتليت بأمراض جديدة ومنها استخدام البعض النهضة الحسينية كيف ما يشاء بعيدا عن فتاوى وبيانات المرجعية الدينية العليا التي منعت تلك الإساءات، ومن هذه الأمراض الخطيرة إقامة الشعارات المخالفة لنهج النهضة الحسينية، واطروحاتها فهي حفزت العاطفة لكي يعي الانسان بما جرى من ظلم ويعمل على تربية الأمة للالتزام بالمبادئ والقيم الإسلامية وتعاليمها المتمثلة بالعدل والنظام والأخلاق الحميدة والسلوك المستقيم ومقاومة الظلم
والجور.
ولكن هناك من يرفع شعارات مناهضة لمشروعية نهضته الإسلامية بالانتفاض ضد ظلم يزيد الطاغية وجوره، وبنفس الوقت هو يؤمن بأنه ابن بنت خاتم الأنبياء والمرسلين محمد (ص) الذي قال بحق الإمامين الحسن والحسين (ع):
( حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنْ الْأَسْبَاطِ ) و( الحسن والحسين سيدا شباب أهل
الجنة).
ينبغي أن تسود معايير منهج الإمام الحسين (ع) في كل ذكرى ومناسبة وحدث ومنها: إقامة العدل ومقاومة الظلم والطغيان، ونشر الفضيلة ونبذ الأشرار، واحترام الحقوق والحريات ورفض التجاوز على الناس بالباطل، وعدم التسلط على الناس باستخدام الطرق غير المشروعة،
ومنع ممارسة الفساد والرذيلة واستخدام أموال الناس بأعمال مخالفة للشرع، واجتناب تبني أساليب الغش والمكر لخداع الناس، والانتصار دائما للحق وليس للأشخاص، فمنهم من يصور نفسه هو الحق بينما هو من ينتهك حقوق الآخرين، واللجوء الى الخيار الذي تنتخبه الأمة الواعية لمهامها ودورها والتي لا تخدع فيه بالرشاوى والغش وإطاعة الأجنبي، وألا تقبل بالخانعين والمستسلمين الذين استرخصوا القيم مقابل
ملذات الدنيا.