علي حنون العقابي
هذا وطنٌ يكبرُ في الشَهْواتِ الضاربةِ حدَّ العَظْمِ
له خُيَلاءُ الطواويسِ وخِفةُ البجعِ
يتلألأُ في الكِناياتِ باسمهِ المُبجَلِّ
تعالى على الرُّهْطِ منذ كان جنيناً
فإذا كبا يوماً. عادَ مرةً أخرى بكلِّ هيبتِهِ
ما يجعلَهُ أقوى من غطرسةِ الغدرِ في الخناجرِ
مَرَّ عليهِ الغزاةُ بما يحملونَ من الحقدِ
مروا ليمزِّقوا جُبتَّهُ. وكأنه المنتخبُ دوماً لهذا التعبِ
فتوضأَ بالدمِ وصَلّى ركعتينِ وسطَ الدخانِ
مازال قادراً على طَشِّ المِسْكِ في (التكياتِ)
وأن يُعيدَ المصابيحَ لأروِقةِ الحاناتِ والمعابدِ
فيالَهُ مِن وطنٍ تخشعُ له الناياتُ
وتَطرِبُ لدورتهِ النواعيرُ والكمنجاتُ والكتبُ
هو السيدُ الواثقُ من ضربتِهِ
يومَ يشتدُّ الاشتباكُ في الغموضِ وتشتعلُ البراكين
مازال عَصيَّاً على الخرابِ
فإنْ تأخرتْ عنهُ الصبواتُ في العشقِ،
سيكشفُ حَتماً عن الغبارِ بِما يُخفي من الكنوزِ،
يستهلُّ الصباحاتِ في براعةِ الوردِ
كالفحلِ المتوثِّبِ لمداهمةِ الغنائمِ
على جبينِهِ غُرَّةٌ من عُتمةُ الليلِ
وقد تعثرَّتْ بين يديهِ كلُّ العواصفِ
لا يخشى العِراكَ في الحَلَبةِ
وإنَّما يتنهَّدُ كالصبحِ في المُدُنِ الحالمةِ بالمطرِ
يوقظُ العدلَ في الفضاءِ الرَّحْبِ
يَملأُ المِنَصّاتِ بأغاني الشعراءِ
فهو العراقُ وإلى الأبدِ
هو العراقُ وليسَ كمثلِهِ بلدٌ.