مجلس النواب الأميركي يفك الاغلاق الحكومي ويضيق الخناق على ترامب

قضايا عربية ودولية 2019/01/05
...

واشنطن / وكالات
في تحد للرئيس دونالد ترامب، صادق مجلس النواب الأميركي الذي بات تحت سيطرة الديمقراطيين، على تشريعات لإنهاء الإغلاق الحكومي لا تتضمن تمويل بناء جدار فاصل على الحدود مع المكسيك.
وأقرّ المجلس أمس الجمعة نصّين تشريعيين يوفران تمويلا مؤقّتا للإدارات الفدرالية المغلقة ويتيحان الوقت لإجراء مفاوضات للتوصّل إلى اتفاق بين البيت الأبيض والمعارضة الديموقراطية بشأن السبيل الأمثل للتصدّي للهجرة غير الشرعية. 
 
مسألة خلافية
ويضمن أحد النصّين تمويل معظم الإدارات الفدرالية المغلقة حالياً لغاية 30 ايلول أي لنهاية السنة المالية الحالية، في حين يمول النصّ الآخر لغاية 8 شباط الميزانية الحساسة لوزارة الأمن الداخلي المسؤولة عن ضبط الحدود، وذلك بهدف إتاحة الوقت الكافي للتوصّل إلى حلّ لهذه المسألة الخلافية.
وقبل ساعات من التصويت، قال البيت الأبيض إن مستشاري الرئيس سيوصونه باستخدام حق النقض لمنع إقرار القوانين إذا صادق الكونغرس عليها من دون تقديم أي أموال إضافية لمقترح ترامب ببناء الجدار الحدودي.
وقال زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ إنّه لن يحدّد موعداً للتصويت على هذين النصّين إلاّ إذا حصل من ترامب على الضوء الأخضر، لأنّهما في نهاية المطاف لن يريا النور إذا لم يوقّع عليهما الرئيس.
وسارع الجمهوريون إلى التنديد بـ «التصويت عديم الفائدة الذي لا يوفّر الوسائل التي نحتاج إليها لتأمين حدودنا».
في المقابل، يقول الديمقراطيون انهم يؤيّدون تعزيز بعض الإجراءات الأمنية لمراقبة الحدود وضبطها، لكنهم يرفضون بشدة بناء جدار يعتبرونه «غير فعال» و»باهظ 
التكلفة».    
وقد تؤشر هذه المواجهة لبداية معركة شرسة قادمة، مرفقة بوعود بتحقيقات برلمانية عدة تطول دونالد ترامب ومحيطه.
وأول هذه التحقيقات هي تلك المتعلقة بشكوك التعاون بين فريق ترامب الانتخابي وموسكو في حملة الرئاسة عام 2016، علما أن هذه القضية سممت العهد الجمهوري منذ بدايته مع تحقيقات المدعي العام الخاص بالقضية روبرت مولر. 
ومع سيطرتهم على مجلس النواب، نال الديمقراطيون رئاسة اللجان البرلمانية ذات السلطات القوية في مجال التحقيقات، تحديدا تلك المتعلقة بتحديد الشهود وتنسيق تقديم الوثائق المرتبطة بالتحقيق.
ووعد الديمقراطيون بأنهم سيطلبون من الملياردير دونالد ترامب تقديم إعلان ضريبي عن مداخيله، وسبق لترامب أن رفض القيام بذلك خلال الحملة الرئاسية، ما يجعله المرشح الوحيد للرئاسة في تاريخ الولايات المتحدة الذي يرفض تقديم تصريح مالي.
ويمكن على خلفية كل ذلك، أن ترتسم بوضوح أكثر إمكانية طرح «إجراء إقالة
الرئيس».
انتظار نتائج التحقيقات
وحتى اللحظة، استبعدت نانسي بيلوسي ذلك السيناريو، مؤكدة أنها تريد انتظار نتائج التحقيقات أولا. وقالت بيلوسي لمجلة «إل» (النسخة الأميركية): «إذا توجب علينا القيام بذلك، سنتحمل مسؤولياتنا. لكنني لن أدفع بذلك الاتجاه».
وعلى بيلوسي أن تخضع مسألة الإقالة للاختبار بين طرفين متبايني الموقف: المنتخبين الحديثي العهد الذين يدعون إلى «مقاومة» ترامب من جهة، وأولئك الأكثر اعتدالا الذين انتخبوا في دوائر انتخابية مؤيدة لترامب، من جهة ثانية.
وفي الوقت الحالي، لا يبدو أن محاولات عزل الرئيس الـ45 للولايات المتحدة ستذهب بعيدا، فإذا نجح الديمقراطيون بالتصويت على توجيه الاتهام له في مجلس النوب، يعود لمجلس الشيوخ أن يقرر في شأن محاكمته.
ويضم الكونغرس الـ116 في تاريخ البلاد، رقما قياسيا من النساء والأقليات،  ويوجد 435 عضوا جديدا في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، فيما يبقى مجلس الشيوخ المؤلف من مئة سناتور تحت سيطرة الجمهوريين. 
وفي السياق نفسه يعتزم النائب الأميركي، براد شيرمان، طرح مشروع، خاص بالرئيس ترامب، في الاجتماع الأول في هذا العام للكونغرس.
المشروع، الذي يرغب شيرمان بطرحه على الكونغرس، هو مشروع بشأن عزل الرئيس الأمريكي. فبحسب صحيفة «لوس أنجليس تايمز» فإن شيرمان لا يرى ما يمنع أعضاء الكونغرس من مناقشة المشروع، إذ أكد «أن عزل ترامب عن الرئاسة سيكون جيدا لأميركا»، حسب تعبيره.
يذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وفي مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» الأمريكية، في  كانون الأول الماضي، قال إنه لم يقم بأي عمل يمكن أن يكون سببا لإقالته. 
 
مداخلة ترامب
وبينما يراوغ الرئيس ترامب لتنفيذ سياساته الداخلية والخارجية دخل بصورة مفاجئة للمرة الأولى منذ تسلّمه السلطة قاعة الصحافة في البيت الأبيض، وأدلى بتصريح مقتضب رافضا الإجابة عن أسئلة الصحفيين.
وقال ترامب لدى دخوله القاعة التي تتسع لـ49 شخصا: «مرحبا جميعا، يا له من مكان جميل! لم أره قبلا، عام سعيد للجميع».
وأضاف: «أود أن أبدأ بتهنئة نانسي بيلوسي على انتخابها رئيسة لمجلس النواب، هذا إنجاز عظيم وآمل أن نتمكن من العمل معا ونحقّق الكثير في ميادين البنى التحتية وغيرها، وأنا أعلم أن الديمقراطيين يريدون ذلك حقا وأنا أيضا أريد ذلك». ولم تكن القاعة ممتلئة بالصحافيين لدى دخول ترامب، ذلك أنّهم لم يبلغوا بأنه سيلقي الخطاب إلا في اللحظة الأخيرة.
واصطحب ترامب إلى القاعة فريقا من عناصر شرطة الهجرة الذين وقفوا وراءه فيما كان هو يدافع عن مشروعه لبناء جدار على الحدود مع المكسيك ووقف الهجرة غير الشرعية.
وبعدها ترك الرئيس الكلمة لأحد أفراد الشرطة ثم غادر القاعة من دون أن يجيب عن أي سؤال للصحفيين.  
وفي استعارة جديدة نشر ترامب على  موقع الانستكرام شارة «ميم» «الجدار بات قريبا»، مستعيرا عبارة «الشتاء بات قريبا»، التي وردت على لسان أحد أبطال مسلسل «لعبة العروش» الشهير.
وعلى صورة الميم، يبدو الرئيس الأميركي وعبارة «الجدار بات قريبا»، وفي القسم الأسفل من الميم صورة الجدار الذي يعتزم ترامب تشييده على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، لمنع تسلل المهاجرين من المكسيك.
تجدر الإشارة إلى أن الشتاء المقبل في «لعبة العروش» يتضمن معنى الخطر المحدق أو نهاية العالم، ما يجعل استعارة ترامب غير موفقة في أقل تقدير.
وفي وقت سابق نشر ترامب، «ميم» تضمن صورة شخصية له وعبارة «العقوبات قريبة» وتاريخ «5 نوفمبر»، وهو موعد سريان العقوبات الأميركية ضد إيران. 
وبعد هذا النشر في تويتر، طالبت قناة HBO التلفزيونية الأمريكية المنتجة لمسلسل «لعبة العروش»، بعدم استخدام هذا المسلسل لأهداف سياسية.  
 
موقف إيراني
مجددا اعربت طهران عن موقفها من السياسة الاميركية  الحالية اذ أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أن إطلاق إيران للمركبات الفضائية، واختبارات الصواريخ، لا تنتهك قرار الأمم المتحدة ذي الصلة رقم 2231.
وكتب ظريف على حسابه على «تويتر»، في معرض رده على نظيره الأمريكي مايك بومبيو: «الولايات المتحدة في حالة خرق مادي، وبالتالي فهي ليست في وضع يسمح لها بإلقاء المحاضرات على أي شخص».
وأضاف ظريف: «نذكر الولايات المتحدة، بأن القرار 1929 ميت.. والتهديدات تولد التهديدات، في حين أن الكياسة تولد الكياسة». 
وحذرت الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها، مايك بومبيو، إيران من المضي قدما في برنامج إطلاق مزعوم إلى الفضاء، وطالبها بإيقاف جميع أنشطتها المتعلقة بالصواريخ الباليستية.  
وفي الوقت نفسه اعتبر ظريف، أن القوة لم تعد حكرا على أطراف معينة بل توزعت في العالم، مؤكدا أن «الرؤية الواحدة قد انتهت».
وقال ظريف: «في عالم اليوم، لا تقرر مجموعة واحدة للآخرين، ومن الخطأ التصور أن هناك قوة عظمى في العالم.. إن تطورات جديدة في العالم تحدث كل يوم».
وأضاف الوزير الإيراني، أن «وجود طهران وأنقرة في أستانا، أدى إلى انخفاض حدة الصراع في سوريا، وبدأ الهدوء والاستقرار يعمان هذا البلد، وهو ما يدل على قوتنا في المنطقة».
وتابع، أن «القوة في العالم باتت في أيدي الجميع، بحيث أن عمالقة الإعلام الآخرين، والدول التي تسمى بالكبرى، ليست وحدها التي تمتلك أدوات القوة». 
وأشاد ظريف بمكانة الإعلام في العالم، وقال: «يمكن أن يكون الإعلام عاملا لتجسيد الكرامة وبالعكس، لأن الجميع في العالم الحالي هو أداة إعلامية، وهذه الأداة متوفرة في أيدي الجميع».
 
حجاب في الكونغرس
 من جانب آخر أدت إلهان عمر، أول عضوة محجبة في الكونغرس الأميركي، اليمين القانونية، وهي تضع يدها على المصحف، كما تمكنت من رفع الحظر على ارتداء الرموز الدينية لأول مرة منذ سنوات في تاريخ مجلس النواب الأميركي.
وفازت إلهان عمر  (37عاما) التي جاءت إلى الولايات المتحدة لاجئة من الصومال وهي طفلة، بمقعد في مجلس النواب عن ولاية مينيسوتا، لتكون أول مسلمة محجبة تدخل الكونغرس الأميركي في تاريخ البلاد.
ودخلت إلهان إلى الكونغرس الأميركي إلى جانب النائبة المسلمة رشيدة طليب من ولاية ميتشيغن، لتكونا أول مسلمتين في تاريخ مجلس النواب، وطليب أميركية من أصل فلسطيني ولا ترتدي الحجاب.
ورفع الديمقراطيون رسميا الحظر المفروض على ارتداء غطاء الرأس لأسباب دينية في قاعة مجلس النواب امس مما سمح للنائبة الديمقراطية إلهان بتأدية القسم تحت قبة البرلمان وهي ترتدي الحجاب. 
 وبحسب التعديلات الجديدة، يستمر حظر القبعات العادية، مثل قبعات البيسبول وقبعات رعاة البقر، التي تم حظرها لأول مرة داخل قاعة مجلس النواب في العام 1837، وفق ما ذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، الجمعة.
وكانت إلهان قد عبرت في تشرين الثاني الماضي عن رغبتها في ارتداء الحجاب عند تأدية اليمين الدستورية، وقالت: «لا أحد يضع وشاحا على رأسي، إنه اختياري، وهذا ليس هو الحظر الأخير الذي سأعمل على رفعه».
تجدر الإشارة إلى أن إلهان ولدت في الصومال، لكنها هربت مع عائلتها من البلاد التي مزقتها الحرب، وجاؤوا إلى الولايات المتحدة في عام 1995، عندما كان عمرها 12 عاما.