الانفوغراف أقوى من السيف

ثقافة 2020/08/27
...


ترجمة واعداد: مي اسماعيل

تُعرِّف الموسوعات العامة مصطلح "الانفوغرافinfograph" " بأنه تمثيل بصري غرافيكي مكثف للمعلومات والبيانات، يهدف لتقديم أكبر كمية من المعرفة بسرعة ووضوح. أصبح الانفوغراف من الوسائل بارزة الوجود في الصحافة المرئية، وبات له فنانون متخصصون يجمعون بين الحس الفني والحاجة العملية لخدمة متطلبات الاعلام المرئي. ومن الفنانين المتميزين هنا "البرتو لوكاس لوبيز"؛ الذي استخدم لغة الانفوغراف بصورة قوية سلسة الوصول للمتلقي، ويعبر عنه شخصيا بالقول إنه وسيلة تعبير..."أقوى من
 السيف".
اكتسب الانفوغراف حضورا قويا في منشورات مثل "ناشيونال جيوغرافيك "National Geographic"؛ التي تختصر كما كبيرا من المعلومات في لوحة غرافيكية واحدة. وكان من الفنانين المتميزين فيها من وضعوا أسسا ومبادئ لتطوير هذا الفن؛ ومنهم "خافير زاراسينا" و "فرناندو بابتيستا"، ولكل منهم نمط فني متميز يدفع حدود العمل أبعد من التقديم الصحفي الى منظور الفن. بعد نحو عقد من الزمن لبدئه العمل بالانفوغراف؛ أصبح لوبيز من المواهب المتميزة في هذا المجال؛ ليصير كبير محرري الغرافيك بمجلة ناشيونال جيوغرافيك. درس لوبيز تصميم الانفوغراف منذ سنة 2008، عندما شارف على الانتهاء من دراسة الصحافة بجامعة نافارا. كان قرارا اتخذه بالصدفة، لمتابعة مادة دراسية يوم السبت (وهو من أيام العطلة الاسبوعية). لكن مبادئ التصميم استحوذت عليه منذ الدرس الأول، وأدرك أن تقديم الصحافة بأسلوب الانفوغراف إنما يعني تقديم المادة الصحفية.. "بالخط العريض".
يتابع الكثير من مصممي الانفوغراف خطوطا تصميمية أرساها فنانون سبقوهم في هذا المجال؛ لكن المتميزين منهم فقط هم من يستطيعون الافلات من تأثير السابقين ورسم مسيرة متميزة لأنفسهم. كذلك يتعين على فنان الانفوغراف ادراك أهمية احترام التباينات الثقافية والحضارية بين وسائل الاعلام المختلفة التي تنشر نتاجاتهم. يقدم العديد من فناني الانفوغراف موازنة بصرية بين الصورة والمعلومة؛ وهو أمر وظف فيه فنانون مثل "لوبيز" (أثناء عمله بإحدى الصحف في هونغ كونغ) التوازي بين نظام الكتابة باللغة الصينية وما يفضل الجمهور الآسيوي رؤيته بصريا؛ ومن تلك النواحي: المقارنة بين معلومات كثيرة في مساحة عرض صغيرة، ثم الازدحام البصري للرموز وغياب التسلسل الهرمي، وهذه أمور محيرة بالنسبة للمتلقي ذي الثقافة الغربية؛ وهو ما يصفه لوبيز قائلا: "الأسوأ أن ندرك نحن المصممين، ولعدة مرات أحيانا؛ أننا نرتكب خطأ حينما نعتقد أن كل ما هو خارج مفهومنا الثقافي البصري هو شيء
خاطئ..". يعتمد الانفوغراف عادة على تقديم مساحات عرض كبيرة، تتطلب عملا موسعا لجمع المعلومات: التحري وتحليل البيانات والتحرير والرسوم التوضيحية الأولية (sketch) وصولا للرسومات النهائية.. ويحتل النتاج غالبا صفحة أو صفحتين متقابلتين من المطبوع. ويتطلب الامر من المصمم مزج انواع التاثيرات والحوارات البصرية كافة؛ من حيث وضع البيانات بصيغة تصويرية أو الرسم بالاسلوب الكلاسيكي، فضلا عن التماشي مع متغيرات الذائقة البصرية العالمية التي باتت قيد التداول بفعل
 الانترنت.
أخيرا يقول لوبيز: "إذا لم نكن مستعدين لتقديم نتاج يذهب أبعد من حدود التقليدي، فسينتهي بنا المطاف لقتل الابداع الصحفي.. الابداع رحلة معاناة وكم من الاحباط وفرحة قلقة.. وهي غالبا رحلة متعبة؛ لكننا لا يجب أن نخاف أبدا من المجازفة!".
موقع "غيستالتين"