لماذا نبكي على الحسين عليه السلام؟

استراحة 2020/08/28
...

  منهل عبد الأمير المرشدي 
 
أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان والحسين "ع" هو الرمز والقدوة والثورة والثائر والنبراس والصرخة والمدرسة والعلم والنظرية والتطبيق،  وكربلاء هي الغاية والوسيلة والعنوان والدلالة والقبلة والحلم والأمل والعشق والحياة والصوت والصدى والقلب والنبض والإيحاء والحل والمشكلة.
اختلفت الروايات وتعددت الآراء وكثرت الحكايا وتفرقت الفرق وتقاطعت الأقلام في مساحة واقعة الطف وعدتها وعددها ورجالها ونسائها وأبطالها وما كان فيها ومنها ولها وعليها لكنها جميعها التقت وتلاقت واتفقت وتوافقت بمن كان فيها موالٍ أو مخالف وعدو أو صديق وغريب أو قريب على أنها مصيبة المصائب ورزية الرزايا وبلية البلايا ونكبة النكبات وحزن الأحزان وعدل القرآن وبيضة القبان بين الكفر والإيمان.
لماذا نبكي على الحسين عليه السلام وهل يحتاج الحسين بكاءنا ولماذ نحزن كل عاشوراء بكل أرض وكل زمان وكل كربلاء، فهل يحتاج الحسين حزننا؟. حينما نبكي على الحسين فعيوننا لا تذرف الدموع بل تسفحها وشتان ما بين الدمع المذروف والدمع المسفوح فبكاؤنا على الحسين وحي عزم وعزيمة وبأس وشكيمة وعلم ودراية وعبرة واعتبار وعشق وقرار وثبات وانتصار وفخر وافتخار وصرخة وشعار ومثابة ومزار ونهج ومسار، وهل نحتاج دليلاً للنهار أو ربيباً للديار أو رسماً للمدار؟.
البكاء على الحسين عليه السلام ثقافة وعلم واجتهاد ودرس ومعنى ودلالة وشفاء ونقاء وارتقاء لمستوى الحضارة. إنَّ البكاء على الحسين ثقافة انتصار وتحدٍ وإصرار وثبات وشفاء من العلة وهيهات منا الذلة. أما الحزن على الحسين عليه السلام فحزن الأنبياء ووصية الأوصياء ومصداق الأولياء ودليل الكبرياء وصدى الصوت الإلهي في الأرض والسماء.
هكذا نحن نبكي على الحسين ونعرف كيف نبكي ولماذا كما بكى أسلافنا وستبكيه أجيال وأجيال بعدنا وهكذا نحزن عليه بدراية وقصد وغاية، فلا دمع كالدمع المسفوح على الحسين ولا حزن كالحزن المكنون على الحسين يقض مضاجع الطواغيت ويهد أركان الباطل ويسقط عروش الجبابرة ويفضح المنافقين والسماسرة ويرسم طريق الحق وينير درب الحقيقة.
الحسين عليه السلام هو الحق والحقيقة وما عداه زيف ووهم وباطل واكذوبة.
نعم. زَعموا بأنَّ قتلَ الحسينَ يزيدُهم.. كذبوا فقد قتلَ الحسينُ يزيداً.. هي رسالة مختصرة موجزة للواهمين الجاهلين الخاسرين الضالين ممن يعيبون علينا أننا نبكي على الحسين عليه السلام أو نسعى لزيارته.
السلام على النفس المطمئنة التي رجعت الى ربها راضية مرضية.
السلام عليك سيدي ومولاي أبا عبد الله الحسين وعلى الأرواح التي حلت بفنائك وما جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم ورحمة الله وبركاته.