مصطفى الصائغ
على كتِفَيكَ تختلفُ الملائِكْ
وترتَعِدُ الفرائصُ من إبائِك
كأنّ الكونَ حين وقفتَ تدعو
غدا كالجِرمِ يسبحُ في فضائِك
تُسبِّحُ والسماءُ تكادُ تهوي
ويُمسِكُها التحنّنُُ في دعائِك
فما للشمسِ من نورٍ ولكن
عليها لاحَ نزفٌ من ضيائِك
فلا شيءَ احتواكَ وأنت كلٌ
توحّدَ مَن له أمرُ احتوائِك
أكنتَ الموتَ أنت، فلا أظنُّ
بأنّ الموتَ يقرُبُ من سمائِك
عليك الكبرياءُ يطوفُ سبعاً
ويسجدُ عِنْدَ كعبةِ كبريائِك
وما للعزِّ من معنىً إذا لم
يكن يوما تشبّثَ في ردائِك
يُرى ما كانَ خلفَك من أمامٍ
كذاك العكسُ يُصبحُ من نقائِك
يغضُّ العرشُ عنكَ الطرفَ حُبّاً
وتُغضي الطرفَ عنه من حيائِك
رآك الله ُ ،كيف أرادَ ، حتى
له كانَ التفرُّدُ باقتنائِك
نثرتَ بنيْكَ في الصحراءِ عُشْبا
وأطعمتَ اللواهبَ من خبائِك
ظميٌّ والعيونُ تراكَ نهراً
فتَروي العالمينَ على ظِمائِك
بهيُ الوجهِ يومَ الموتِ كيف
بيوم البِشْرِ توصَفُ في بهائِك
الى ما شاءَ ربُّ العرش ،تُعطي
فلا نفْدٌ وحدٌّ في عطائِك
تُقدِّمُ للنواهلِ كيفَ شاءت
زكيَّ الوِردِ تشربُ من دمائِك
تُلاقي المرهفاتِ لقاءَ شوقٍ
وتُسكِنُها العظيمَ من الأرائِك
جروحُك أنبياءٌ ليس تُحصى
فما أسمى رسالةَ أنبيائِك
بِحُلمٍ لستُ أعلمُ منتهاهُ
سوى بعضِ التكهُّنِ في سخائِك
تدورُ بمحورِ التقديسِ شمسٌ
ليبزُغَ نورُها من كربلائِك
على وجهِ السماءِ تُرى ورودٌ
لو اجتمعَ الوجودُ على وَلائِك
مدحتُك أم رثيتُكَ لستُ أدري
أضعْتُ اليوم مدحَك من رثائِك
فأبناءُ الجفونِ إليك تسعى
سواءاً في الولادةِ أو عزائِك
هما حرفان حاءٌ ثُمّ باءٌ
ولا معنىً يتمُّ بِغَيْرِ حائِك
سيفنى القادمونَ ومن تلاهُم
ويبقى في الدهورِ صدى ندائِك
وتفنى النافياتُ الناهياتُ
ويلمعُ في المعاني نجمُ لائِك