حقوق النزلاء و المودعين في التشريع

آراء 2020/09/01
...

    القاضي  كاظم عبد جاسم الزيدي 
إن العقوبة بمفهومها الحديث لم تعد وسيلة للاذى و الانتقام من الجاني وأنما وسيلة لاصلاحه و تقديم سلوكه و منعه بالتالي من العودة الى الجريمة  و قد أدرك المعنيون بالشؤون الجنائية و منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر حقيقة ظاهرة الاجرام كمشكلة اجتماعية لا يمكن التخفيف من حدوثها الا باستخدام الطرق العلمية الحديثة في معالجة المجرمين فأصبح هدف العقاب إصلاح المجرمين و تأهليهم حيث لم يعد المجرم بنظر المجتمع انسانا منحرفا ينبغي القضاء عليه أو الانتقام منه بل أصبح ينظر اليه كانسان منحرف عن الطريق
وأصبح دور السجن هو الاصلاح و التقويم و تأهليه للعودة الى المجتمع شخصا مؤتلفا مع نظمه ومحترما لقوانينه فالسجين انسان له كرامته و حريته المقررة من قبل الله عز وجل مايلزم الاقتصار على السجن في أقل قدر ممكن فهو ضرورة وليس أصلاً و الضرورة تقدر بقدرها و هذه رؤية واقعية تتفق مع روح الاسلام و المبادئ الانسانية و قد نص الدستور العراقي النافذ  لعام 2005 بان لكل فرد الحق في الحياة و الامن و الحرية و انسجاما مع القواعد النموذجية للحد الأدنى لمعاملة المسجونين و المعايير الدولية لحقوق الانسان التي أقرتها هيئة الامم المتحدة عام 1977 و بغية توحيد القواعد القانونية المنظمة لعمل دائرتي أصلاح الكبار واصلاح الاحداث و مراكز التوقيف و توفير قدر أكبر من إجراءات و تدابير الرعاية و التأهيل للنزلاء والمودعين لكونها الوسائل الضرورية التي تسهم في إعادة دمج المحكوم عليه في المجتمع و خلق الظروف الملائمة المنسجمة مع احكام القانون و المعايير و القواعد التي تؤدي الى أن تغرس في نفس المتهم و المحكوم عليه اتباع الطريق السوي و تنمية الشعور بالمسؤولية لديه تجاه نفسه و المجتمع و بغية تحقيق الهدف الاسمى و هو الاصلاح و التهذيب و توفير الحياة الكريمة للنزيل و المودع بعد إنهاء محكوميته شرع المشرع العراقي قانون إصلاح النزلاء و المودعين المرقم ( 14 ) لسنة 2018 و نشر في الجريدة الرسمية "الوقائع العراقية" بالعدد ( 4499 ) في 16 /7  /2018 و يتم الفصل بين النزلاء و المودعين و الموقوفين الذين لم يحاكموا في شكاوى مدنية و يودع النزلاء الذين بلغت أعمارهم ثمانية عشر عاماً دعاوى جنائية أو شكاوى مدنية أو الذين حكموا في دعوى جنائية عاما في قسم منفصل عن النزلاء البالغين الذين بلغت أعمارهم إثنين و عشرين عاما و يخصص مكان في الاصلاحية يسمى مركز الاستقبال و يتم مسك سجل خاص بالمحكومين يشخص كل حالاتهم الاجتماعية والاقتصادية وتفاصيل الهوية و أسباب دخول الاصلاحية و يوم و ساعة الدخول و تقسيم النزلاء و المودعين الى قسمين الذين يدخلون اول مرة والعائدون الى الجريمة و تنظيم اضبارة خاصة لكل نزيل و مودع تحتوي على دراسة كاملة لحالته الفردية و صحته النفسية و العقلية وعدد الجرائم التي ارتكبها و مدى خطورته على المجتمع.  
وعلى دوائر الاصلاح توفير الشروط الصحية في الاقسام الاصلاحية من حيث التنظيف والتهوية و الاضاءة و توفير سرير نوم لكل نزيل او مودع او موقوف وتوفير العلاج الطبي المجاني للنزيل و المودع والزيارات الدورية من اللجان الطبية لفحصهم و مراقبة الحالة الصحية لهم و يتولى معهد بحوث التغذية في وزارة الصحة تحديد كمية و نوعية طعام للنزيل أو المودع ويشترط في الطعام أن يكون صحيا و كافيا و مناسبا لديانة و معتقد النزيل و أن يتم توفير الماء الصالح للشرب لهم باستمرار وبكميات كافية و لكل نزيل و مودع و موقوف التعرض للهواء الطلق و أشعة الشمس بما لا يقل عن ساعة واحدة يوميا لممارسة التمارين الرياضية المناسبة أو التعرض لأشعة الشمس و يشترط في الاماكن المخصصة لنوم و راحة النزلاء و المودعين و الموقوفين توفر شروط قانونية و صحية فاذا كانت موزعة على شكل غرف لشخص واحد ينبغي أن يشغل كل سجين غرفة بمفرده أثناء الليل و يجوز لمدير السجن تخصيص الغرفة لاكثر من نزيل أو مودع على ان لا يزيد على ثلاثة في الازدحام المؤقت في السجن و ان تكون مستوفية لأقصى شروط السلامة و الرعاية الصحية و مناسبة للظروف المناخية و أن تكون النوافذ واسعة و محصنة و أن تكون أحواض الغسل و الوضوء و المرافق الصحية كافية لتمكين كل سجين من الغسل و الوضوء و توفير حمامات مناسبة للاستحمام و يراعى فيها أن تتناسب درجة الحرارة فيها مع المناخ و  أن تتيح فرصة الاستحمام ما لا يقل عن مرة واحدة في الاسبوع لكل النزلاء و المودعين و الموقوفين من أجل المحافظة على النظافة الصحية العامة و يوفر لكل نزيل و مودع و موقوف سرير خاص مع اللوازم الكافية الخاصة بفراشه التي يجب أن تكون نظيفة و يجب نقل النزلاء المرضى الذين يحتاجون للعلاج الى المستشفيات و الاطباء المتخصصين وان تكون المراكز الصحية في السجون و المواقف  و للنزيل و المودع الحق في التعليم و مواصلة الدراسة داخل دائرة الاصلاح خلال مدة محكوميتهم و على الدائرة أن تعمل على تامين الدراسة و إيصال المحكوم الى داخل قاعة الامتحانات لأداء الامتحانات النهائية حيث تضمن الفصل السادس من قانون اصلاح النزلاء و المودعين العراقي رقم (14 ) لسنة 2018 على تعليم النزلاء و المودعين حيث لكل نزيل و مودع الحق في التعليم و مواصلة الدراسة و لكل المراحل  و تتولى وزارة التربية بالتنسيق مع وزارة العدل تحقيق المتطلبات الموضوعية لتنفيذ برامج دائرتي الاصلاح العراقية و إصلاح الاحداث لتعليم وتأهيل النزلاء و المودعين بفتح المدارس العامة و المهنية بجميع مراحلها داخل أقسام الاصلاحية. 
و يمنع ذكر أي بيان في الشهادة الدراسية أو المهنية التي يحصل عليها النزيل و المودع أثناء تنفيذ العقوبة يشير الى أنه حصل عليها في دائرتي الاصلاح العراقية أو إصلاح الاحداث و تكفل دائرتا الاصلاح لكل نزيل ومودع أتم الخامسة عشرة من العمر حق أو تدريبه مهنيا و تهيئة أسباب العيش له بعد انقضاء محكوميته و مساعدته على الاندماج في المجتمع وانشاء الورش و المعامل و المنشآت و مستلزمات العمل الكريم المناسب والاستغلال الامثل للإمكانات و التخصيصات المالية المتوفرة لها و يحظر تشغيل النزلاء و المودعين باعمال السخرة في الاقسام الاصلاحية و يكون العمل من مقومات العملية الاصلاحية و التأهيلية و ليست عقوبة بذاتها و مراعاة رغبة النزيل و المودع باختيار مايتلاءم منه مع قدرته و مؤهلاته و تتولى دائرة الاصلاح العراقية و إصلاح الاحداث مهمة التعاقد مع الجهات الحكومية التي تحتاج الى تشغيل النزيل داخل ورش و معامل القسم الاصلاحي و يشترط في تشغيل النزيل أن يكون قد أمضى عشرة من المئة من مدة محكوميته و يستثنى المحكومون بجرائم القتل العمد غير المتنازل عنه و جرائم السرقة و اختلاس أموال الدولة و جرائم الارهاب و جرائم المخدرات و جرائم الخطف و الاغتصاب و جرائم غسيل الاموال من التشغيل الخارجي و تطبق احكام قانون العمل النافذ في ما يتعلق بالاجور و تحديدها واوقات وساعات العمل و الاجازات و العطل و الاعياد و حماية المرأة العاملة و حماية الاحداث و السلامة المهنية و من حقوق المودعين و النزلاء حق تلقي الزيارات حيث نصت المادة ( 26 ) من قانون اصلاح النزلاء و المودعين بان للنزيل و الموقوف استقبال زائريه وأسرته مرة واحدة على الاقل لكل منهما في الشهر وتوفير مكان مناسب ولائق للزيارات الأسرية و للمودع استقبال زائريه مرة واحدة في الاسبوع  إذا كانت الزيارة في مصلحته و لها أثر في تأهيله و تقويمه و يكافأ النزيل او المودع بزيادة عدد الزيارات. 
اذا ثبت تفوقا في عمله أو دراسته أو أبدى سلوكا متميزا و يسمح ببقاء الاطفال الرضع في السجن أو الموقف مع أمهاتهم و يتم توفير حضانة للاطفال يشرف عليها طاقم من الموظفين المؤهلين يكون فيها الاطفال تحت رعايتهم عندما لا يكونون في رعاية أمهاتهم و لمدير عام دائرة الاصلاح العراقية و اصلاح الاحداث بعد موافقة الوزير المختص منح اجازة منزلية لا تزيد على خمسة ايام كل ثلاثة اشهر للنزيل و المودع من العراقيين على ان لا يكون محكوما عن جرائم الارهاب أو الجرائم الماسة بامن الدولة الداخلي او الخارجي أو جرائم القتل العمد غير المتنازل عنه و أي جريمة معاقب عليها بالاعدام أو السجن المؤبد و للنزيل و المودع حق مراسلة من يشاء و تسلم الرسائل ممن يشاء عن طريق البريد العادي أو البريد الالكتروني الرسمي للسجن و للنزيل و المودع تقديم الطلبات و الشكاوى الى المدير العام المختص في دائرتي الاصلاح أوالى مفتش السجن او الموقف و يراعى عند نقل النزيل أو المودع عدم تعرضهم الى انظار الجمهور و الاهانة و التشهير و أي عناء جسدي.