قناة الجيش.. وفرصة العودة

آراء 2020/09/01
...

  حسين رشيد

تمثل هذه القناة علامة مضيئة في حياة اهل بغداد وخاصة جانب الرصافة لما كانت تمثله من حالة رمزية كونها انجزت في زمن ثورة تموز 1958 وبجهود وسواعد القوات الامنية متمثلة بوحدات الجيش العراقي الذي فجر قادته الثورة المجيدة، وتمثل ايضاً جانباً ترفيهياً مهماً في حياة الاسر البغدادية ومتنفساً، ويكاد لايخلو (البوم) الاسر من صور لأفرادها في حدائق ومتنزهات ومقاهي القناة التي عصف بها الزمن تدريجيا منذ ثمانينيات الحرب وازداد العصف في تسعينيات الحصار حتى اتى على كل شيء في زمن التغيير والديمقراطية والاصلاح والاعمار مثلما كانت اللافتات الكبيرة تشير الى ذلك، لكنها للاسف خُرمت بالفساد والنهب للمال العام وهذا ما يؤسف له اكثر من اي خرابٍ حل بالبلاد اذ تم قتل حلم طال 
انتظاره .
في عام 1959 بعد التصميم الأساسي ومقترحات مخطط بغداد المقدمة من مؤسسة دوكسيادس، طُرحَ مشروع قناة الجيش في الجانب الشرقي من بغداد، ووُضعَ حجرها الأساس في عهد عبد الكريم قاسم في 10 تشرين الأول عام 1960، وافتتحت في عهده في 15 تموز عام 1961، تبدأ القناة من شرق دجلة بين منطقة سبع أبكار ومحلة السيفية، وتُسمّى بدايتها صدر القناة، تُضخّ وتجري من هناك متجهةً نحو شرق بغداد ثم إلى جنوبها حيث تصبّ في نهر ديالى في منطقة الرستمية، كانت الغاية من انشائها درء خطر الفيضان وسحب المياه الزائدة عند ارتفاع مناسيب دجلة، وتحولت الى حلقة وصل بين دجلة وديالى وفي الوقت ذاته مجرى مائي يزيد من جمالية 
المدينة.
بحدود السنة او اكثر بقليل تم وضع حجر الاساس وانشاء القناة بما كان فيها من مرافق استراحة واستجمام، ومنذ عام 2010 اعلن عن اعادة تأهيل واعمار القناة وانيطت المهمة آنذاك بشركة (مصرية) وشركة (عراقية)، بقي العمل متعثراً لمدة خمس سنوات حتى شتاء 2015، اذ حانت الفرصة الذهبية لطمر المشروع وملف الفساد الذي ينخره من خلال فتح مجاري مياه الامطار التي اغرقت احياء العاصمة صوب القناة وتدمير ما شيد من ارصفة بسيطة وجسور عبور صغيرة وبعض الاشجار التي زرعت في صدر القناة،
اليوم حال القناة يرثى له، من صدرها حتى مصبها اذ تحول الى ممر للمياه الآسنة ومكب للنفايات ومكان لرمي مخلفات البناء وبين فترة واخرى تشب الحرائق الصغيرة في الحشائش والاشجار اليابسة، اما ما تم تشييده فقد تحول الى خرائب تثير الاشمئزاز، كل ذلك ولم تحرك امانة العاصمة ساكناً، ولا هيئة النزاهة في فتح الملف واستعادة الاموال ومحاسبة المسؤولين.
في الاونة الاخيرة اعيد ملف القناة الى الواجهة من قبل رئيس الوزراء الكاظمي، واعلنت امانة بغداد عن انشاء القسم البلدي الخاص بالقناة لكن الذي يبدو انه على الورق فقط فحتى هذه اللحظة لا يوجد اي جهد او تواجد لهذا القسم على طول القناة، وبما انه ثمة ازمة مالية تعاني منها الحكومة فان بالامكان اعادة اعمار وتأهيل القناة بمجهود بلدي ذاتي بمعنى ان كل قاطع بلدية عليه مهمة اعمار وتأهيل المساحة التي تقع ضمن حدوده البلدية، يسانده بذلك الجهد الهندسي والآليات للقوة الامنية الماسكة للارض في ذلك القاطع جيش وشرطة اتحادية، 
فضلا عن الاستعانة بقدرات الشباب ومن يرغب بالعمل الطوعي 
والمساعدة، مع زج روح المنافسة في العمل بين الاقسام البلدية التي يكون عملها تحت اشراف لجنة مختصة بالشأن البيئي 
والهندسي الذي يراعي الذوق العام والتراث البغدادي بانشاء المرافق الخدمية والترفيهية وبذلك نكسب متنزها كبيرا، وممرا مائيا تحت اشراف وزارة الموارد المائية، وحدائق تمنح شرق العاصمة جمالية مضافة كذلك المساهمة بتوفير فرص عمل للكثير من الشباب من خلال فتح الاكشاك والمطاعم ومواقف السيارات وغير ذلك من مهام واعمال الصيانة الدورية للقناة، وليس من الصعب ابدا عمل ذلك شرط ابعاد شبح "الاستثمار" عن المشروع كي يبقى يحمل صفة قناة الجيش.