ملامح الاندماج الجهوي

آراء 2020/09/04
...

محمد شريف أبو ميسم 
التأسيس للاندماج الجهوي بين العراق والأردن ومصر اقتصادياً بات أقرب الى الواقع، بعد القمة الثلاثية التي جمعت زعماء الدول الثلاث في عمان مؤخراً، والتي سبقها العديد من الاتفاقيات بين الأطراف الثلاثة في هذا الإطار. فمنذ شباط 2016 وقع العراق مع الجانب المصري اتفاقية للتعاون التجاري بين البلدين وفي آذار من العام نفسه وقع الجانبان اتفاقية في مجال النفط، بعد ساعات من اتفاق العراق والاردن ومصر على انشاء خط أنابيب يمتد لمسافة قدرها 1700 كيلومتر من البصرة حتى ميناء العقبة، وهو المشروع الذي سعت الدول الثلاث للتوصل إليه منذ عام 2012 ، فيما توجت علاقات التبادل التجاري والتعاون في مجال الطاقة والنقل بين العراق والاردن، بالاتفاقية التي وقعتها حكومة السيدعبد المهدي مطلع العام الماضي والتي تضمنت تنفيذ بنود ستة محاور اقتصادية، وتم بموجبها إعفاء 371 سلعة أردنية من الرسوم الجمركية، فيما جاء تصريح رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لصحيفة الواشنطن بوست خلال زيارته الى الولايات المتحدة مؤخرا بشأن اطلاق «مشروع بلاد الشام الجديد» بين الدول الثلاث، ليؤكد أن «المشروع سيكون وفق النسق الأوروبي وسيتيح تدفقات رأس المال والتكنولوجيا بين البلدان الثلاثة على نحو أكثر حرية». 
و بات الحديث عن ولادة تكتل اقتصادي جهوي في المنطقة مؤشرا على وجود دعم دولي ومدعاة للتكامل مع دول وكيانات اقتصادية أخرى تم الاعلان عنها في وقت سابق، من قبيل مشروع «نيوم» الذي سيتضمن بناء أكبر مركز اقتصادي تجاري سياحي تقوده التكنولوجيا الذكية على الأرض الممتدة بين سيناء والاراضي السعودية والاردنية والاسرائيلية المحيطة بها، حيث يتوقع أن يستقطب استثمارات تقدر بنصف ترليون دولار، ، ويتكامل مع مشروع آخر يقال انه سيستقطب 
استثمارات بالقدر نفسه على الاراضي الكويتية المحاددة للعراق بدعم دولي أيضا لبناء مدينة الحرير، لتكون مفتاح المرور البري في العراق نحو القارة الأوروبيَّة تحت إدارة الشركات التي تحكم العالم ، ما يجعل مشروع بلاد الشام الجديد حلقة وصل واسعة الأهمية للتكامل مع المشروعين في اطار مستقبل هذه المنطقة التي ستظهر فيها المدن الذكية وتتشكل فيها خارطة جديدة اعتمادا على سياسة الاحتواء الاقتصادي والثقافي في ظل أدوات العولمة الرقمية، والتي ستسحب خلفها وبالضرورة معطيات عولمة الأمن لحماية الاستثمارات داخل التشكيلات الليبرالية التي تتماهى فيها الدولة مع جيرانها بوصفها انموذجاً للانفتاح على العالم وبديلا عن العزلة، الأمر الذي يؤكد صحة التسريبات المتعلقة بوجود منطقة منزوعة السلاح تحكمها شركات العولمة الأمنية من أرض سيناء الى أرض العراق في اطار صفقة القرن.