لم يكن بالحسبان

ثقافة 2020/09/05
...

اوات حسن أمين 
 
الى/ ابراهيم الخياط
 
كنا فرحين بسفرتنا الى اربيل ومنها الى عقرة لكي نحضر مهرجانا استذكاريا للشاعر والصحفي الراحل الدكتور نافع عقراوي.
 انطلق موكبنا من بغداد برفقة الشعراء إبراهيم الخياط وعمر السراي ومروان عادل حمزة وانا، والاكاديمي د. صبحي مهدي والأخ عمر محاسب وزارة الثقافة... إنطلقنا بسيارتين من أمام بوابة الاتحاد وواجهتنا اربيل ثم عقرة. 
الطريق يتسع مع الأفكار التي كنّا نثيرها مع بعض، وكأنه أكبر من أن يكون طريقا ثقافيا، هو طريق للتواصل والمسؤولية، وللاستذكار.. توقفنا عند مطعم ابو شوان في منطقة طوز خرماتو، فكان لنا العشاء الاخير الذي نشاطر الشاعر الراحل ابراهيم الخياط الامين العام لاتحاد الادباء..
وصلنا الى اربيل، بعد وقفات قصيرة في محطات الطريق، لنهيئ انفسنا للسفر الى مدينة عقرة،  التي انطلقنا اليها الساعة الرابعة عصرا من يوم  28 / 8 / 2019..
الطريق الملتوي لم يمنع احاديثنا عبر هواتفنا النقالة، وعبر شجون نثيرها حول الشعر والانتخابات، لاسيما الحديث الاخير للشاعر الراحل الخياط وهو يهاتف الشاعر جبار الكواز حول موعد انعقاد انتخابات الفروع في المحافظات، بعدها طلب مني الراحل ان اضع التلفون على أغنية لميادة الحناوي ( كان يامكان الحب مالي بيتنا ومدفينا الحنان) فازدان جو الرحلة بالبهجة، والضحك والغناء والكلام 
الجميل..
كنت شديد الحذر من الطريق وطلبت من الراحل أن يشد حزام الامان ومازحته قائلا: سيقبض عليك شرطة المرور، وسيأخذون منك غرامة فضحك وقال: سيأخذونها من السائق! لكن السائق مازحه بالقول: أنا ماعليّ أستاذ 
أبراهيم .
في تلك اللحظة- الساعة الرابعة وخمس عشرة دقيقة-  وأنا أرخي الحزام لابراهيم كوني كنت جالساً في المقعد الخلفي منه. خرجت لنا سيارة عسكرية تسير نحونا بسرعة، متجاوزة خط سيرها(رونك سايد) فكانت الكارثة التي نثرتنا هنا وهناك.. حينها سمعت صوتا يردد: آه..آه عرفت انه صوت ابراهيم الذي غاب بعد لحظات.. وبعد ساعات كان حضور الاسعاف الذي ترك في ذاكرتي كيف كان الخياط مسجيا على (السدية) ونحن نحيط به، وامامي الشاعر عمر السراي وهو يتلوى من صدمة الضربة بينما كان مروان يمسك ساعد ابراهيم..ومع صولنا الى مستشفى طوارىء اربيل فارق ابراهيم الحياة..
لم يبق في المكان سوى ضحكات ابراهيم الهاربة، وآلام عمر السراي، وخوفنا الذي جعلنا مسكونين بهول الصدمة، صدمة الحزن والخوف والموت الذي سرق منا الرجل الحالم، والطريق والمكان الذي لانعرف 
خارطته..