الحماية الجنائية للامتحانات ونتائجها

آراء 2020/09/07
...

   القاضي:  ناصر عمران الموسوي
 
 التربية كما يقول أفلاطون: تُضفي الجمال والكمال على الجسم والنفس. وكلما كان المجتمع متعلما واعيا مدركا لطبيعة حياته ومحددا لرؤاه المستقبلية كلما كان منتجا ومتطورا ًوكل ذلك ينطلق من خط الشروع الاول وهو التناغم والتناسق والتكامل بين طرق التربية العائلية والعملية التربوية والتعليمية كونهما يشكلان ترقية لجميع اوجه الكمال التي يُمكن ترقيتها في الفرد حسب ما يرى الفيلسوف الالماني (ايمانويل كانت) وبالتأكيد ان العمليتين التربوية والتعليمية بحاجة الى تقويم وهذا التقويم يخضع لمعايير متعددة.
 منها مدى انعكاس المنهج التربوي والتعليمي ومحصلاته على المتلقي وهو التلميذ والطالب بمختلف المراحل و الامتحانات من ضمن الاختبارات التي تجريها الهيئات التربوية والتعليمية على التلاميذ والطلبة وتتضمن اسئلة موضوعة من المناهج التربوية والتدريسية لكل مرحلة تعليمية، مقسمة طبقا للنظام التعليمي وعلى ضوء نتائج الامتحانات يتم تقييم التلاميذ والطلبة في العبور الى مراحل متقدمة من المسيرة التربوية والتعليمية وبالنهاية تشكل هذه النتائج صورة المستقبل الحياتي للطالب كذات ودوره في الاسرة والمجتمع. 
ولا يفوتنا أن نشير الى اهمية صناعة التعليم المنتجة للأجيال القادرة على بناء المجتمع وبالتالي ازدهار الوطن، و صناعة التعليم من أشرف الصناعات التي يُمكن للإنسان أن يحترفها كما يقول (الغزالي) وعلى ضوء ذلك تتأتى اهمية الامتحانات باعتبارها حصيلة انتاجية للتربية والتعليم، ولما لها من اهمية مستقبلية كانت الحماية الجنائية حاضرة لكل من يحاول ان يعتدي وينتهك سلامة ونجاح عملية الامتحانات ونتائجها سواء اكانت فصلية ام امتحانات نهائية او امتحانات عامة، فكلها تشير الى اختبار منهجي له التأثير الكبير في نجاح المسيرة التعليمية في البلاد، لذلك شُرع القرار 132 لسنة 1996 والمنشور في الوقائع العراقية بالعدد(36 46/ 1996 ) والمعدل بالقرار 47 لسنة 1996 والذي ينص: (أولا ً: 1 - يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ، كل من سرب أو أفشى أو أ ذاع أو تداول بصورة غير مشروعة أسئلة الامتحانات المدرسية النهائية او اسئلة الامتحانات العامة . 2- وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات، اذا كان مرتكب الجريمة عضوا في لجان الامتحانات أو من واضعي اسئلتها أو مكلفا بنقلها او بالحفاظ عليها أو بتهيئتها أو تغليفها أو بترجمتها . 3- وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة اذا كانت الجريمة المنصوص عليها في الفقرتين (1 و 2 ) من هذا البند قد نشأت عن تقصير أو اهمال. ثانيا: 1 - يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات كل من ساعد على الغش في الامتحانات المدرسية النهائية أو الامتحانات العامة أو سهل القيام به .2 - لا تسري احكام الفقرة (1) من هذا البند على الطلاب الذين يرتكبون الغش في داخل القاعة الامتحانية وتطبق بحقهم الانظمة المدرسية . 
ثالثا : يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات كل من تلاعب في الدفاتر أو الاوراق المستخدمة في الإجابة على اسئلة الامتحانات المدرسية او الامتحانات العامة او بالسجلات المدرسية الخاصة بدرجاتها، كتبديل أغلفتها او الكتابة فيها أو سحب اوراق منها او اضافة اوراق اليها او تحريف درجاتها أو استبدالها . رابعا ً: تعتبر الجرائم العمدية المنصوص عليها في هذا القرار جرائم مخلة بالشرف). وبقراءة تفصيلية لما نص عليها القرار نرى أن المشرع كان واضحا ًفي تقسيم الجزاء العقابي كل حسب دوره ومساهمته في تحقيق النتيجة الجرمية، فالجريمة كما ينص عليها القانون تتكون من الركن المادي وهو ارتكاب فعل جرمه القانون او الامتناع عن الفعل أمر به القانون والركن المعنوي المتمثل بالقصد الجرمي وهو توجيه الفاعل ارادته الى ارتكاب الفعل المكون للجريمة. 
هادفاً الى نتيجة الجريمة التي وقعت أو اي نتيجة جرمية اخرى وتكتسب الجريمة طبقا لذلك صفة الجريمة العمدية، اما الجريمة غير العمدية فهي الجريمة التي تقع نتيجتها الاجرامية بسبب خطأ الفعل سواء كان هذا الخطأ اهمالا أو رعونة أو عدم انتباه أو عدم احتياط أو عدم مراعاة القوانين والانظمة والاوامر. 
والركن الشرعي للجريمة وهو الصفة غير المشروعة للسلوك، اساسه انطباق السلوك على نص او قاعدة قانونية (عقابية) تجرمه، ومثلما تكون للجرائم اركانها فان لها جسامتها والتي قسمها القانون الى ثلاثة انواع وهي (الجنايات والجنح والمخالفات) ويحدد نوع الجريمة بنوع العقوبة الأشد المقررة لها قانونا، ففي جريمة كل( من سرب أو أفشى أو أ ذاع أو تداول بصورة غير مشروعة الاسئلة الامتحانية ) عاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وهي من جرائم الجنح، التي يصل الحد الأعلى للعقوبة فيها الى خمس سنوات في حين شدد العقاب في الفقرة (2) من القرار بحق مرتكب الجريمة اذا كان عضوا في لجان الامتحانات أو من واضعي اسئلتها أو مكلفا بنقلها او بالحفاظ عليها أو بتهيئتها أو تغليفها أو بترجمتها بعقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات وهي عقوبة الجناية التي يكون حدها الادنى اكثر من خمس سنوات الى خمس عشرة سنة وقد حدد المشرع الحد الاعلى للعقوبة على ان لا تزيد على بسبع سنوات وفي الفقرة (3) من القرار حدد العقوبة بمدة لا تزيد على سنة اذا كان الفعل المرتكب في الفقرتين (1 و 2) قد نشأ عن تقصير او اهمال وهو حين حدد عقوبة الجنحة، بالحبس الذي لا تزيد مدته عن سنة، فإن الجنحة وهي العقوبة التي يكون حدها الادنى اكثر من ثلاثة اشهر الى خمس
 سنوات. 
وقد حدد المشرع الحد الاعلى لعقوبة المقصر والمهمل بارتكاب الفعل المشار اليه بالفقرة (1و2) مع صفته الواردة بالحبس الذي لا تزيد مدته عن سنة فانه اعتبر الجريمة المرتكبة في الفقرتين (1و2) جريمة عمدية وفي الفقرة (3) جريمة غير عمدية. 
اما ما ورد في (ثانيا ً) من القرار في الفقرة (1) فانه تناول جريمة المساعدة على الغش في الامتحانات المدرسية النهائية او الامتحانات العامة او تسهل القيام بها فعاقب على جريمة المساعدة على الغش وتسهيل القيام به بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات ويمكننا ان نرى دقة المشرع حين اعتبر جريمة بوصفها المساعدة على الغش وتسهيل القيام به من دون التطرق الى من يقوم بالغش وهو الطالب والذي استثني من العقوبة في الفقرة (2) فلا تسري عليه عند ارتكابه الغش في القاعة الامتحانية وتطبق بحقه الانظمة المدرسية والجريمة بوصفها المذكور من جرائم العمد. 
اما الفقرة (ثالثا ) من القرار فإنها تناولت جريمة ( كل من تلاعب في الدفاتر أو الاوراق المستخدمة في الإجابة على اسئلة الامتحانات المدرسية او الامتحانات العامة او بالسجلات المدرسية الخاصة بدرجاتها، كتبديل أغلفتها او الكتابة فيها أو سحب اوراق منها او اضافة اوراق اليها او تحريف درجاتها أو استبدالها ) وعاقبت بالسجن الذي لا تزيد مدته على سبع سنوات لمن يرتكب الافعال المذكورة وهي من الجنايات وجرائم العمد، وقد اعتبر المشرع في الفقرة (رابعا ً) من القرار الجرائم العمدية الواردة فيه جرائم مخلة بالشرف و اضفاء صفة المخلة بالشرف يترتب عليه اجراءات قانونية منها اضفاء ‏صفة قرار التجريم على قرار الإدانة وإضفاء صفة المجرم على المدان، اضافة الى النظرة التي ينظرها المجتمع للجاني في الجرائم المخلة
بالشرف. 
إن الحماية الجنائية للامتحانات ونتائجها الواردة في القرار لم تقتصر على المدارس والمعاهد التابعة لوزارة التربية فقد تم تعديله بموجب القرار رقم 57 لسنة 200 الذي قضى بتطبيقه على الكليات والمعاهد التابعة لوزارة التعليم والبحث
 العلمي.