تبسيط الإجراءات الحكوميَّة

آراء 2020/09/07
...

    حميد طارش
يعدُّ تلقي الانسان للخدمات الحكومية من ابسط حقوقه التي يجب أن تقدم بطريقة ممتازة من حيث النوع والكم والجهد المبذول في الحصول عليها، لكن للاسف ظلت معاناة المواطن العراقي مستمرة ، ولسنين طويلة، بسبب الروتين الاداري وكثرة الاجراءات الادارية وتكرارها، ما نتج عنه تدني مستوى الخدمات المقدمة، فضلاً عن استشراء الفساد الاداري والمالي وشيوع جريمة الرشوة، بل وادت الى عزوف الكثير من المواطنين عن المراجعة للحصول على حقوقهم ، وعلى سبيل المثال بعض اسر الشهداء التي هربت من جحيم المعاملة التقاعدية التي تمر بمراحل ، هي بحق عقوبة وليست تكريماً، من مراجعات في وزارة الصحة ومحاكم القضاء والوحدة الادارية ومؤسسة الشهداء وهيئة التقاعد وفي كل واحدة منها تكون المراجعة امام اكثر من قسم واكثر من موظف وصحة صدور! وفي بعض الدول يمكن للمواطن وهو في بيته وعبر الانترنت أن يحصل على اي خدمة يحتاجها.للاسف لم يفكر أي مسؤول دائرة بمراجعة الاجراءات المتبعة في دائرته رغم تعاقب السنين وتطور الحاجات وظهور التقنيات الحديثة ،التي تبدأ من استمارة الطلب التي تحوي فقرات ليس لها مبرر ومرورها على عدة موظفين بعضهم زائد تماما ثم تنتقل الى اقسام اخرى في دوائر اخرى واحيانا تكون بعيدة جغرافيا، فضلا عن ان الروتين المتبع هو (تخمير) وافضل الموظفين الذي يقول تعال غدا وليس بعد اسبوع وهنا عندما تتعدد المنافذ وموظفوها يبرز الابتزاز والرشوة وهكذا يتحقق سبب مهم من اسباب الفساد الاداري والمالي، وبالتأكيد فان المسؤول الذي لم يراجع ولم يدرك اهمية ذلك، كيف يمكن له أن يطور مؤسسته اي ستكون متخلفة وبالنتيجة سيكون بلداً متخلفاً.لقد تم تشكيل لجنة تبسيط الاجراءات الحكومية،على ما اذكر، في الربع الاخير من عام 2014، لكنها ظلت حبيسة التنظير والاجتماعات،وهذا شأن اغلب اللجان في الدولة العراقية،نعم اوصت ووجهت وعممت لكن ما جدوى ذلك بدون تطبيق ، لقد ذهبت ضحية الفساد وليست هذه المرة من حيتانه فقط وانما من اسماكه الصغيرة!.
لم يتعلم القطاع العام من القطاع الخاص فمؤسسات الاخير، على قلتها وضعفها لاسباب اخرى، في مراجعة لكل ما يصب في تحسين خدماتها ما يجعل منها بيئة جاذبة ومن ثم زيادة ايراداتها على خلاف مؤسسات الاول التي تتسم بسوء الخدمة ما يجعل منها بيئة طاردة للافراد ولعل ابرز مثال هنا للمقارنة، هو المستشفى الحكومي والمستشفى الاهلي.
كما ان الظروف التي نعيشها في ظل الجائحة ستفرض ضرورة تبسيط الاجراءات واختصارها الى ابعد حد، واعتماد الانترنت باغلب المفاصل الممكنة لتحقيق الوقاية والسلامة وقد اشار بعض الخبراء المختصين بان الجائحة ستفرض انماطا جديدة، حتى بعد انتهائها، في جميع المجالات ومنها التعامل مع الدوائر الحكومية، اذ يجب مواكبة الانماط الجديدة، وتبسيط الاجراءات الحكومية كونه دعامة اساسية للاصلاح الاداري والقضاء على الفساد وتطوير المؤسسات الحكومية وتقليل نفقاتها وزيادة ايراداتها، فضلاً عن دلالته على اخلاقية وانسانية هذه
 المؤسسات.
*) باحث قانوني