حصة.. في ذاكرة متعبة

آراء 2020/09/07
...

حسين الذكر
أتذكر أيام الحروب والحصار والاستبداد، حينما كنا نساق للمجهول. للخدمة العسكرية الطويلة التي لا نعرف حقوقنا او مدة خدمتنا فيها، اذ تمضي على البعض عشر او خمس عشرة سنة قاسية جداً من دون أدنى حقوق او ضمانات، وقد زار وحدتنا ضابط كبير لغرض سماع هموم الجنود، فشكا أحدهم نقص الصمون، إذ بالكاد تصل للمقاتل صمونة واحدة يومياً، فأبدى القائد استغرابه ثم سأل ضابط الإعاشة عن سبب النقص، فأكد له (أنه يزودهم بست صمونات لكل مقاتل يومياً)، عند ذلك فتح تحقيق موسع، في زمن كان التحقيق له قيمة، والمقصر يأخذ عقابه القاسي، وقد تبين لاحقاً أن الاعاشة تسلم ست صمونات لكل مقاتل من خلال الافران العسكرية، لكنَّ الحصة تبدأ بالتقليص كلما مرت بالسيطرات المرابطة، ففي أول سيطرة تسرق صمونة، وفي الثانية تسرق أخرى وفي الطريق تنقص صمونة وفي مطبخ الوحدة تسرق اخرى، وفي المقر تطير اخرى، وتبقى صمونتان واحدة توزع حسب مزاج ومصلحة عريف التوزيع.. بينما الأخرى تحشر بفم المقاتل المسكين. قبل مدة شكا أحدهم او بالاحرى حكى. لأنَّ الشكوى لم تعد تسمع وليست لها قيمة. إذ أصبحت من حكايات زمان فقال: (بعد شهرين ذهبت استلم الحصة التموينية وقد فوجئت باستلام ( طحين و سكر وتمن رديئي النوعية) وقال الموزع هذه حصتك .. فسألته اين بقية المواد فقال: صحيح تذكرت لك حصة رز لشهر كذا وزيت لشهر كذا. مردفاً هل تريد بيعها) فقلت له ابيع. فتناول حاسبته واخذ يضرب كما يفعل بعض صاغة الذهب لتشتيت فكر الزبون. ثم همهم مع نفسه على طريقة عادل امام الشهيرة (ككك رز بخمسين دينار. وككك طحين بمئة دينار.)، الك عندي باقي عشرين الف دينار، اطرح منها (أربعة عشر الف دينار) سعر الحصة المستلمة، نطرح (الفين) مال حمولة، يبقى لك اربعة آلاف، انطي للحمال (الفين) يوصلك الدهن للبيت، يبقى لك الفين. هذا حلالك والله
 بدالك).
السؤال هنا يتوجه الى كل مصلح وقائد ومسؤول. ألم يحن وقت تبديل الحصة ونظام توزيعها المتهالك المسروق من قبل المتنفذين والبحث عن آليات احدث واكثر نزاهة وخدمة للمواطن.