قصائد الداحي لا تلتفت إلى أحد سواه

ثقافة 2020/09/08
...

بغداد: مآب عامر
 
في مقدمته عن المجموعة الشعرية "رعاف القوافي" لخالد الداحي، يخبرنا الناقد الدكتور علي متعب جاسم أنَّ التركيز هنا ينصب في ميزتين واضحتين بتجربته الشعرية، الأولى في تجسيم الصورة الشعرية، بينما تكمن الثانية في أنَّ معظم نصوصه في مجموعتيه (عندما يبكي القطا ورعاف القوافي) تسير في اتجاهين يعكس أولهما رؤية الشتات والضياع وصراع القلق الوجودي، ويحرص الثاني على عكس مواقفه واستجاباته لتجارب عادية. 
بالنسبة للناقد، فإنَّ (الداحي يظهر تمسكاً بيناً بخط يميزه عن غيره. فمع عشرات الشعراء الذين جايلهم ومئات ممن قرأ لهم أو تأثر بتجاربهم وانصهروا بشعره، يظهر شعره وكأنه لا يلتفت إلى أحد سواه، ثمة ملامح وخطوط خاصته)، فبفضل لغته الغنية وصوره المثيرة (تسربت مقتنياته التكنيكية إلى غيره من الشعراء لا سيما من الأجيال الشابة من دون الالتفات إلى أصولها)، كما يوضح.
وركز الناقد في مقدمته أيضا على مخيلة وذائقة الشاعر الذي يعتني بإنتاجه اعتناءً فطرياً يقترب أحياناً من الوعي به وربما يكون اهتمامه الواضح به ناتج عن ذائقته الموسيقية ومعرفته لأصولها.
ومن يقرأ المجموعة الشعرية "رعاف القوافي" والصادرة حديثاً عن منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق يدرك أنها قد تضمنت ما يقارب (21) قصيدة متنوعة في موضوعاتها المتمثلة بالوطن والحرب والموت والغربة وغير ذلك من هموم وطنية وذاتية، ومن عناوينها (نظرت اليك، المرايا، أيقظ قوافيك، سفر القصيدة، ورقة من دفتر قديم، الحرب ترتجل الموتى، هما جوادان، نبوءة، سيدة الممرات).
ففي قصيدة "تداعيات امرأة وثنية" يقول الداحي في بعضٍ منها: (وحدي أُعيدُ اشتعالي حينَ تُطفئني/ كي لا تظلَّ وحيداً في اشتعالاتكْ/ با أيها الخارجيُّ الربَّ مِن حجرٍ/ فاسكب على قدميه حِبرَتوراتكْ!!/ أنا الاهتُكَ الكبرى ستسجد لي!/ وأِنْ صَبأتَ وتنسى كلَّ لاءاتــك/ أنا الوحيدةُ فوق الأرض لا أحدٌ/ غيري.. يصدّقُ.. مبهوراً نبوءاتك !!/ أنا الزمانُ ومهما اخترتَ مملكةً/ يظلّ عرشُكَ مرهوناً لمولاتكْ/ وتوأمين اشتركنا في ملامحنا/ فكيف تُعرض عن وجهي بمرءاتك).
أما في قصيدة بعنوان "معطف الستين" فيقول الشاعر: (ما كنت.. مثل اليوم.. وحَدك/ أضحى المدى والوقتُ ضدَّك/ ما عُدتَّ تجترحُ السؤالَ وصار طولُ الصمتِ.. ردَّك/ ما عاد.. عندك ما تقول إذا دُعيت.. وكان عندك!!/ وبقيت.. مثل الآخرينَ.. من الرمال.. تشيدُ سدَّك/ يا أيُّها البحارُ.. ملت هدأة الشطآن مدَّك!!/ ألقيت خطوك.. في الفراغِ.. وكنت تجري فيه وحدك/ يا سيَّد الأخطاءِ.. كيف تدير للباغين خدَّك؟!/ هدروا رؤاك.. ولم تعُد عينا سعاد تريدُ ودَّك/ يا أيَّها الوثنيُّ!! أيُّ خرافةٍ.. خلفت بعدك؟/ أغريت نفسكَ بالرحيل.. فصار حدُّ التيه حدَّك/ هم غادروك.. وأنت فيهم.. قبل أنْ تختار قصدك!/ يا أيُّها العرَّابُ!! كلُّ حكايةٍ.. ستزيدُ وجدك/ ستهيمُ في دنيا العتابة.. ذاكراً للناس سُهدك/ الآن تشكو.. ما تريد؟! ومعطف الستين هدك؟/ أعددت للغدِ مربداً/ والدهرُ.. للبلوى أعدَّك). جاءت المجموعة الشعرية في (97) صفحة من القطع المتوسط.