مــاذا غيــرت الجــائــحــة في حيــاتـنـــا؟

ثقافة 2020/09/08
...

  بغداد: سرور العلي 
 
غيرت جائحة "كورونا" الكثير من عاداتنا وأنماط حياتنا، ودفعتنا لاعتزال منازلنا وانقطع تواصلنا مع الآخرين ولجأنا إلى العالم الافتراضي، رصدنا بعضا من الظروف والمواقف، التي غيرت من سلوكيات عدد من الروائيين والشعراء والإعلاميين، وأساتذة الجامعات. 
من حسنات كورونا والحجر الصحي تعرفت فاتن الجابري، روائية عراقية على أولادها من جديد بعد سنوات من الانطواء كل في غرفته وعالمه، وتستطرد قائلة: "زادت ساعات تجمعنا الأسري والتأم الصدع وعدنا نتبادل الحديث والآراء، فضلا عن ذلك وجدت أن وقت فراغي يتسع ويتمدد بلا فائدة، على الرغم من عشقي للهدوء والتأمل، وأفضل المكوث في البيت والعمل في حديقة المنزل لكن الكآبة تسربت إلى روحي".وأضافت الجابري"عدت لهوايتي القديمة الرسم، لاسيما أنني خريجة قسم التصميم، خرجت إلى السوق وعدت بحزمة كبيرة من ألوان الأكرليك والفرش ولوحات الكنفاس بمختلف الأحجام، لممارسة ولعي وجنوني في مزج الألوان وأمضي في تجاربي اللونية، حصيلتي حازت على إعجاب أولادي وأهلي وأصدقائي، كما استعدت مهارتي في الأشغال اليدوية وصناعة الزهور وتزين المرايا وتدوير المخلفات المنزلية من كارتون وعلب الزجاج والبلاستك".
 وأكدت "حتما تغيرت حياتنا، وأصبح الخوف والتوجس رفيقنا، حرمنا من جلسات الأهل والأصدقاء وأكثر ما يشغلنا متابعة أخبار وتطورات وباء كورونا، لكن باب الأمل ما زال مشرعا بأن ينتهي هذا الوباء وتعود الحياة زاخرة بالفرح".
 
زراعة وقراءة
بينما تعاملت دلال جويد، شاعرة عراقية مع فيروس "كورونا"على أنه إجازة حقيقية فيه متعة الجلوس في البيت وممارسة التفاصيل اليومية البسيطة، وأضافت" كان العام الماضي مكتظا بالعمل الطويل، والالتزامات الكثيرة حتى أنني لم أجد وقتا كافيا للجلوس في البيت واعداد وجبة طعام خلال ساعات النهار، لذا حين حصل الحجر حاولت أن أبقى إيجابية وأتعامل مع الأمر على أنه عطلة لي ولأسرتي، التزمنا فيها بشروط السلامة وتوصيات المؤسسات الصحية".وواصلت جويد"كانت الأخبار محزنة جدا لذلك توجهت إلى أمرين هما بمثابة الوقاية لي من الدخول في فخ الحزن( الزراعة والقراءة)، عدت إلى حديقتي الصغيرة وقضيت مع نباتاتي أوقاتا ثمينة، كما بدأت بتعلم طرق جديدة في التعليم الالكتروني وتدريس اللغات لغير الناطقين بها، لأن هذا هو مجال عملي، وتواصلت مع أهلي أكثر من الماضي، ربما بدافع القلق الذي يكبر مع الأزمات والبعد، ومارست الرياضة وشاهدت عددا هائلا من الأفلام".
 
شارع المتنبي
ويرى محمد غازي الأخرس، روائي عراقي أن" فيروس كورونا غير حياتنا رأسا على عقب، بدل نمط علاقاتنا الاجتماعية، وأنهى بعض الاشكال القديمة من التواصل، بتنا نشتاق لمعانقة أحبابنا، شخصيا حرمني من أهم طقس كنت أقوم به وهو تبادل الزيارات الأسرية مع أقربائي وشقيقاتي وأصدقائي، حرمني أيضا من التمتع مع أسرتي في مشاوير أسبوعية للمتاجر والعروض السينمائية والمسرحية، والاستمتاع بالجلسة على نهر دجلة بجوار مقهى البيروتي، كنا نقوم بهذا الطقس مرة كل أسبوعين تقريبا حتى أصبح عادة أسريَّة".
وواصل الأخرس "حرمني أيضا من زيارة شارع المتنبي بين مدة وأخرى، كورونا والحظر الصحي والاضطرار للبقاء في البيت حرمني أشياء كثيرة لكنه منحني أشياء أخرى ومنها مثلا، التوفر على وقت فراغ طويل، لإكمال مشاريعي الكتابية ولهذا أكملت خلال الأشهر الماضية أكثر من كتاب، انتظر انحسار الوباء لطباعتهم، الحظر الصحي أعاد لي طقسا أسريا مفتقدا هو التجمع في وجبات الطعام ومتابعة المسلسلات والأفلام، أعاد لنا الكثير من الحميمية التي كدنا ننساها من فرط انشغالاتنا اليومية".
و يأمل الأخرس لبعض العادات الاجتماعية أن تختفي مثل المآتم بالطريقة السابقة، والبقاء على بعض عادات التباعد الاجتماعي، التي تنفعنا صحيا وكنا نتمنى أن تسود قبل كورونا مثل (التقبيل) المبالغ به.
 
كورونا علمنا الكثير
ويجد الدكتور نجاح كبة أن "الشيء ليس شرا كله أو خيرا كله، فكل شيء يحمل نقيضه ومنه الوباء الذي يحمل الشر للبشرية، ففيه الخير لكن ليس بذاته بل بأسبابه ومسبباته، كورونا علمنا كيف نتعامل في الحجر المنزلي مع الأسرة أو الأشياء، علمنا كيف نتعامل مع الحاسبة والمنضدة والكرسي وكيف تنجز أعمالا بحثية، كان الوقت يمر ولم نجن ثمرته".
وتابع كبة "كورونا علمنا كيف نتعامل مع الزوجة والأطفال بأسلوب سليم، والاشراف على تربيتهم النفسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، والعيش بسلام مع الآخرين، فكل شيء يهون تجاه هذا الوباء اللعين، وأن نحافظ على أنفسنا وأسرنا من هذا الفيروس بالتزام النظام الصحي، فالإنسان كما يرى علماء النفس السلوكيون ابن البيئة فهي تصقل شخصيته".
 
تغيير المفاهيم
وتحدث عمر قحطان، إعلامي رياضي عن تعامله مع الأزمة: "وباء كورونا غير الكثير في العالم، بل برأيي هي فترة ستظل عالقة في الأذهان، وستسجلها كتب التاريخ في صفحاتها، فمفاهيمنا تغيرت واكتشفنا أمورا عديدة لم تكن في الحسبان، بالنسبة لي شخصيا، بت أنظر إلى الحياة بطريقة مختلفة، حيث كمية نعم الله تعالى التي كنّا نتمتع بها دون أن نقدر قيمتها، أصبحت أقضي أوقاتا أكثر مع أسرتي، وتعلمت خلال فترة الحجر المنزلي أعمالا عديدة في البيت، وأساعد قدر الإمكان زوجتي وأتواصل كثيرا مع أهلي في العراق، كوني أعيش في دولة قطر".
وتابع قحطان "قبل ذلك وكوني إعلاميا في قنوات الكأس، كنت وبإجراءات احترازية معقدة، مستمرا في عملي ودوامي في مقر القناة، أنا وزملائي، لنقدم مادة مفيدة للجماهير والمجتمع تتناسب مع وضع جائحة (كوفيدـ 19)، أيضا وجدتها فرصة كبيرة للتركيز على منصاتي في وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال مواكبة الأحداث ونشر مختلف الأخبار الرياضية، بل حتى أجريت مقابلات كثيرة مع نجوم كرة القدم مباشرة عبر حسابي في الانستجرام، وبالتالي تعايشت مع الوضع بشكل شبه مثالي لتجاوز الأزمة نفسيا ومساعدة المجتمع من منبري".