هل ستتم دعوة الرئيس بشار الأسد للقمة الاقتصادية في لبنان؟

قضايا عربية ودولية 2019/01/08
...

بيروت / جبار عودة الخطاط

يحتدم اللغط والسجال داخل الاروقة السياسية والإعلامية اللبنانية بخصوص دعوة سوريا لمؤتمر القمة العربية الاقتصادية المزمع عقدها في بيروت يومي 19 و20 كانون الثاني الحالي أو عدمها. ففي الوقت الذي أصبحت فيه عودة سوريا الى أحضان الجامعة العربية أو كما يعبر الكثير من المراقبين عودة الجامعة العربية لدمشق مسألة في حكم المحسومة في ضوء المعطيات التي أوجدتها الكثير من الخطوات التي أشرت بشكل جلي ما يمكن اعتباره موسم الحجيج الى سوريا من أطراف كانت تعد من أشد المناوئين للنظام السياسي في سوريا حتى ان البعض منها دعم المجاميع المسلحة ونادى بشكل علني باسقاط حكومة الرئيس السوري بشار الاسد.

اليوم اختلف الأمر وراحت تلك الأطراف تتعاطى مع الموضوع السوري ببراغماتية فرضتها الوقائع على الارض.. في لبنان ما زال المعسكر السياسي الرافض لتجسير العلاقة مع دمشق يراقب الوضع بالكثير من الحذر وبحسابات اختلط فيها الحابل بالنابل رغم ان موقفه لا يخلو من الحرج بعد اعلان المملكة العربية السعودية والامارات ودول خليجية أخرى انها لا تمانع عودة دمشق لشغل مكانها الشاغر في الجامعة العربية. وبالعودة للسؤال الذي بات يشغل الشارع السياسي في بيروت هل ستتم دعوة الرئيس السوري بشار الأسد لحضور القمة المذكورة في لبنان.. لبنان أكد ان مسألة دعوة دمشق للقمة أمر منوط بالجامعة العربية وليس بلبنان. هذا ما طرحه الجانب اللبناني في اجتماعات الجامعة العربية مساء يوم السبت في القاهرة ليرمي الكرة في ملعب العرب لعله يتخلص من تبعات الحرج الذي بات يكتنف الموقف الرسمي اللبناني، بيد ان تصريح وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال اللبنانية جبران باسيل، عقب لقائه البطريرك اللبناني مار بشارة بطرس الراعي، في مقره بالديمان شمال شرق العاصمة بيروت أشار الى ان لبنان يقف مع الصف الذي يدعو الى عودة سوريا حيث قال “رأينا كفريق سياسي وخارجية لبنانية معروف، ونحن لم نقطع علاقاتنا بسوريا، ومصلحة لبنان بأن تكون (سوريا) في الجامعة العربية”. وأشار إلى أن لبنان، “كان قد رفض تعليق عضوية سوريا بالجامعة العربية، ومصلحة لبنان تكون بوجود سوريا في الجامعة العربية”. النائب ماريو عون، المحسوب على رئيس الجمهورية ميشال عون، قال من جهته إن “التيار الوطني الحر لن يتفرد بدعوة سوريا إلى القمة الاقتصادية التي ستعقد في لبنان”. وبيّن أن “هذا الأمر (دعوة سوريا) يمكن حسمه إما بخطوة من قبل جامعة الدول العربية، أو بعد تشكيل الحكومة اللبنانية لتبحث في الموضوع وتتخذ القرار المناسب”.
في المعسكر الآخر الذي طالما نادى بقطع الصلات مع دمشق حذّر أمين عام قوى 14 آذار المعارضة للنظام السوري، النائب السابق فارس سعيد، من توجيه دعوة للنظام السوري لحضور القمة الاقتصادية مؤكدا “ان لا مصلحة للبنان بدعوة دمشق”!
 
الشق الاقتصادي 
الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة أكد “ان عدم توجيه دعوة لسوريا لحضور القمة سيؤدي إلى مزيد من التعقيدات في العلاقات اللبنانية السورية، أقله في ما يخص الشق الاقتصادي، ويبقى أن هناك علاقة عضوية اقتصاديًا بين لبنان وسوريا، حتى لو كانت الأنظمة مختلفة، وجغرافيا البلدين تجعل اللبنانيين والسوريين يتعاونون مع بعضهم بعضا من دون تنسيق رسمي”. عجاقة يضيف أن “عدم توجيه دعوة للرئيس السوري إلى حضور القمة الاقتصادية في بيروت سيخلق أزمة مع النظام في لبنان، وخاصة أن معظم الدول العربية في طور إعادة العلاقات الطبيعية مع سوريا، ولبنان سيكون الأخير في هذه العملية، وسيفقد كل التسهيلات في ما يخص الشق الاقتصادي، وهذا الأمر سيجعله يخسر اقتصاديًا فمثلًا سيخسر تسهيلات عبور معبر نصيب، وبدل العبور من دون رسوم، وقد تفرض سوريا على لبنان رسومًا إضافية، ما يؤذي التصدير اللبناني إلى دول الخليج، وكذلك إذا أخذنا الملف النفطي فهناك حدود مشتركة بين لبنان وسوريا في الشمال، وهذا قد يخلق نوعًا من أنواع الخلافات، ناهيك عن إعادة إعمار سوريا، إذا لم يكن هناك توافق سيحرم لبنان من عدد من الصفقات التي تدخل في إعادة إعمار سوريا”.
 
القمة الاقتصادية
الباحث السياسي أمين أبو راشد أكد “أن قِمَّة اقتصادية عربية في لبنان وبدون سوريا لا قيمة لها، فسوريا الدولة الأوحد التي تُشكِّل نافذتنا البرِّية الى العالم، ونحن ما زلنا ننتظر قرارات عربية تحكُم مصالحنا ومصيرنا وقرارنا السياديّ، ونتساءل: أين هكذا جامعة عربية من قرار دولة الإمارات إعادة فتح سفارتها في دمشق، واستئناف البحرين العمل الدبلوماسي الطبيعي من قلب العاصمة السورية، بل أين هذه الجامعة العربية التي ماتت سريرياً منذ ثماني سنوات، من الدعوات العربية المُتتالية لإعادة العلاقات مع سوريا، وماذا عن الوفود العربية التي تتقاطر الى سوريا لإعادة تطبيع العلاقات معها، بعد أن انتصرت على كافة مؤامراتهم، ولماذا يبقى لبنان وحده كبش فداء لارتكابات بعض الانظمة وانتحار العروبة؟!”.
وهنا برزت دعوات أو تسريبات تحبذ تأجيل القمة الاقتصادية في بيروت ريثما ينجلي غبار الحقيقة كما يقولون او حتى يكون فيه لبنان بوضع أحسن وقد تشكلت حكومته التي طال انتظارها، لكن مصادر مطلعة اكدت لـ”الصباح”، أن لا تأجيل للقمة العربية التنموية الاقتصادية، وحتى الآن لم تطلب ذلك دولة أو مجموعة عربية، ولا الأمانة العامة لجامعة الدول العربية ذلك، ولبنان اصبح جاهزاً وعلى كل المستويات لاستضافة هذه القمة”، بحسب ما تقول مصادر مواكبة لأعمال اللجنة العليا المنظمة للقمة.
وتؤكد المصادر أنّ “لا وجود لأي مؤشرات على ذلك، ولا طلب بتأجيل القمة وصل الى لبنان بهذا الشأن”. ومعلوم أنّ طلب التأجيل لا يقدّم من الدولة المضيفة التي هي لبنان، بل من أحد الأعضاء، وعبر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية. ومثل هكذا طلب تأجيل لم يقدم حتى الآن للبنان. يشار إلى أنه منذ بدء الصراع في سوريا، أغلقت دول عربية عدة سفاراتها في دمشق، أو خفضت علاقاتها مع الحكومة السورية، ولكن كل المؤشرات اليوم تشير بما لا يقبل الشك لعودة قريبة جدا لدمشق الى الجامعة بعد أن عاد الى سوريا الكثيرون ممن كانوا يحسبون على الخط المتشدد في المعسكر المضاد لها قبل اشهر فقط.