د. نازك بدير
«شارع السّيدة فيروز» لافتةٌ تشرئبُّ على ناصيةِ الحلم، بعد زيارة ماكرون، هل تُطلِق بلديّة مدينة بيروت اسم فيروز على احد شوارعها؟
الى ايّ حدّ استطاع وسام «جوقة الشّرف» من رتبة فارس الذي زيّن جِيد فيروز ان ينزع عن كاهل ماكرون صفة المندوب السّامي؟ وهل افلح استهلاله زيارة لبنان بالتّعريج على انطلياس، حيث مقرّ صوت افراحنا واحزاننا، في جعْله يظهر بصورة الحضاري المحبّ للثقافة والفنون، على عكس ما هو رائج في بلداننا العربيّة؟
بعيداً عن الاعلام وعدسات الكاميرات والاضواء والشّاشات العملاقة، بهدوئها المعتاد، تمّ التّكريم كما ارادت، هي التي تقضي حياتها في عزلة اختارتها، نائية بنفسها عن الفساد المجبول بالنّهارات والليالي الصيفيّة
والشتويّة.
هو تكريم من نوع آخر، يليق بسيّدة تشبه بعنفوانها ذلك العَلَم الذي وقّع عليه ابطال الاستقلال، تشبه بصَمْتها اسرى تحرّروا من معتقلَي» انصار» و»الخيام» واُهملوا كينابيع تُرِكَتْ، فجَفّت، تشبه بهامتها المرفوعة سحباً حلّقت تحتضن جبال
صنين.
لعلّ مدى تقدّم الدّول يُقاس من خلال الاهتمام بالفنون، وما احيطت به مبادرة ماكرون من متابعة ليس سوى دليل على التقصير المميت من قبل الدولة اللبنانيّة، واهمال العرب بشكل عام للفنّ الاصيل( وان كانت السيّدة قد مُنِحَت اوسمة من قِبَل الاردن وسوريا وتونس).
تمّت تعرية الرموز الوطنية وتجاهلها، فيروز ليست قيمة فنيّة وحسب انّما هي، بما تمثّله، رمز تاريخي وتراثي وانساني. من هذا المنطلق، تكريمُها تكريمٌ للوطن وللشّعب اللبناني كافّة، والتّعامي عنه او تاجيله من قبل وزارة الثقافة والمعنيّين، هو خطيئة، ولن تكون له قيمة تُذْكر بعد وفاتها( اطال الله في عمرها)
مدينة بيروت تعجّ باسماء المحتلّين، فاينما تجوّلت، تطالعك شوارع موسومة بالانتداب الفرنسي: غورو، اللمبي، فوش، سبيرز، ديغول، فضلًا عن آخرين لم يقدّموا بعضًا ممّا منَحَتْه السّيّدة الى وطنها، لا بل هم مجرّد عبء على اللافتات، فهل تاخذ بلدية بيروت المبادرة، وتتوّج احد شوارع العاصمة باسم اسطورة الفنّ، بدلاً من ان تبقى الشّوارع معمّدة باسماء مَن خذلوها؟ الموت يأتي من الشّرق، التّكريم، من حيث الشّكل، أتى من الغرب، بلادٌ لا تكرّمُ ابناءها، لا كرامةَ لها، ولا يُعوَّل عليها، الكرامة لا تُستَورَد، صوتها ملح الارض.
أكاديميّة لبنانيّة