حين تمر الأزمات والظروف العصيبة على الشعوب تصبح دافعاً للتوحد والموقف المنسجم ، وسبباً يدعو الأحزاب والكتل السياسية والشخصيات أن تضع مصالح الشعب وترصين الجبهة الداخلية فوق كل الاعتبارات والمصالح.
العراق اليوم يمر بظروف حرجة متعددة ، والحكومة تسعى وتجاهد من أجل تجاوز كل ظرف وفق إمكانياتها ، وخلال هذه الظروف التي تزداد نكون بحاجة لوقفة وطنية تتطلب تأجيل كل الخلافات ، والشروع بالعمل لخدمة الناس وضمان مستقبلهم ، وتقويم وترميم العملية السياسية، مطلوب من السلطة التشريعية أن تضاعف جهودها في إنجاز مشاريع القوانين المطلوبة ، ومطلوب من السلطة التنفيذية أن تقف بأمانة وإخلاص لتنفيذ تفاصيل خطة منهاج الحكومة ، وصولا الى الانتخابات المبكرة ومحاسبة القتلة والفاسدين ، ومطلوب من السلطة القضائية أن تقف موقفا يليق بتأريخها وسمعتها ودورها الفاعل في اثبات الحقوق ومعاقبة الفاسدين والجناة وسراق المال العام ، وألا ننشغل بالاختلاف في وجهات النظر أو تقاطع المصالح والمنافع، فالعراق اليوم يطالبنا أن نتجاوز الظروف ونوحد المواقف.
انتصرنا على تنظيمات الإرهاب التي دنست ترابنا الوطني ، وترك الانتصار مدنا وبيوتاً متهدمة وخسائر كبيرة بالأرواح واسراً مهجرة، ما يتطلب منا أن نتعاون للتخفيف من هذا الدمار، ونسعى بالطرق التي يمكن أن تتوفر للمساعدة في إعادة الاعمار وترميم ما يمكن اعادة بنائه، وعودة الناس من المخيمات الى مساكنها
وأعمالها.
إنَّ تجارب الشعوب تؤكد بشكل واضح على توافق النخب السياسية والشخصيات الوطنية للتوصل الى حلول تساند عملية التصدي للظروف والأزمات بما فيها الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها العراق، وهذا الموقف امتحان سيسجله التاريخ بفخر لهذه النخب والشخصيات حين تضع مصلحة الشعب فوق كل الاعتبارات.خلال هذه الفترة الحكومة بدأت تظهر بشكل جدي مواجهتها للفساد وتصديها للإرهاب ، والعمل على سيادة منطق القانون ، ومنع انتشار السلاح خارج نطاق الدولة ، مع وجود الجائحة التي وللاسف بدأت تنتشر بين العراقيين لقلة الوعي وعدم الالتزام بالتعليمات ، ومع الضائقة المالية ، فاننا نجد أن العمل التنفيذي للحكومة بكل الأشكال لا يمكن أن ينعكس بشكل ايجابي وفعال ما لم يجد المساندة والتعاطف من كل الأحزاب والشخصيات.
مجلس النواب يشكل السلطة التشريعيَّة، وكل نائب عليه أن يضع أمام ضميره وحسبانه أنه يمثل كل عراقي بغض النظر عن قوميته أو دينه أو مذهبه ، ووفق هذا الاعتبار يتم الحرص على تشريع القوانين ، وكل عنصر في السلطة التنفيذية من رئيس الجمهورية وحتى أصغر موظف أو عامل مطالبين بمضاعفة الجهد، والتفاني بإخلاص للعمل من اجل سيادة دولة القانون ، ودون ذلك سنبقى أسرى الانفلات والأفعال الخارجة عن القانون ، كما ان على السلطة القضائية وهي تتمسك باستقلاليتها أن تكون كما عهدناها شجاعة في قراراتها، وأمينة في تطبيق القوانين ، وحيادية في عملها ونظرتها، وان التحالف بين الأخيار يمكن أن يخلق حائط الصد لتجاوز الصعاب.
ما يطلبه أهل العراق من قياداتهم وساستهم قليلاً من الحكمة والتروي والمروءة، والابتعاد عن الخطابات الإعلامية التي تزيد نار الاختلاف، وان تكون قياداتنا بمستوى ما تعرض له العراق من هزات عديدة تجمعت خلال هذا الظرف ونغصت حياة العراقيين ، فاعينوا الناس على تجاوز المحنة، وانتم أهل لأن تقفوا مثل
هذا الموقف.
القضية التي تجمعنا اليوم هي قضية العراق، ولا سبيل لنا جميعا غير أن يعود العراق سالما ومعافى، ولذا علينا أن نختزل الزمن ونحرق المراحل وصولا الى الموقف الصحيح والحياة التي نتشارك بها، وحتى يذكرنا التاريخ بشرف وبأمانة، فإنْ لم يوحدنا العراق فماذا يوحدنا بعد اليوم؟