«بريكست» يشعل جدلاً سياسياً وشعبياً في بريطانيا

قضايا عربية ودولية 2019/01/08
...

لندن / وكالات
 
معضلة «بريكست»  لا تزال محل جدل شعبي وسياسي على حد سواء في كافة  ارجاء المملكة المتحدة في وقت بدأ عداد الوقت بدقاته يوتر اللندنيين لحين اجتماع مجلس العموم البريطاني يوم الثلاثاء المقبل ليقول كلمته الفصل بشأن اتفاق «بريكست» الذي جعل الحكومة البريطانية بصورة عامة تتخبط كـ»لعبة الغربال» بين معارض وموافق وسط تحركات رئيسة الوزراء تيريزا ماي في المضي بخطوات مكوكية جادة لاتمام عملية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الاوربي. وفي وقت كشف استطلاع للرأي بين اعضاء حزب المحافظين البريطاني الحاكم ان اغلبية الاعضاء لا يؤيدون اتفاق تيريزا ماي مع بروكسل موضحا انهم يفضلون «بريكست بدون اتفاق»، شددت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي  امس الاثنين على أن تصويت مجلس العموم على اتفاق انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (بريكست) سيجري «بلا شك» كما هو مقرر الأسبوع المقبل. وتعهدت ماي في مقابلة مع برنامج «آندرو مار شو» على تليفزيون «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) بمضاعفة جهودها من أجل كسب تأييد النواب للاتفاق الذي توصلت إليه مع الاتحاد الأوروبي. وفي معرض رد رئيسة الوزراء على سؤال، قالت ماي: «نعم، سنُجري التصويت». وأضافت أنها ستبدا سلسلة من الإجراءات الجديدة بشأن أيرلندا الشمالية، وستبحث منح أعضاء مجلس العموم فرصة أكبر في ما يتعلق بصياغة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بشأن العلاقات التجارية بين الجانبين في المستقبل. ويبدأ مجلس العموم البريطاني مناقشة جديدة حول «بريكست» يوم الثلاثاء المقبل، ومن المقرر إجراء تصويت على الاتفاق في الاسبوع الذي يبدأ يوم 15 كانون الثاني وكان التصويت مقررا في الأصل الشهر الماضي، ولكن تم تأجيله. ورفضت ماي استبعاد إجراء أكثر من تصويت، وحذرت من الدخول في منطقة «مجهولة» في حال رفض النواب الاتفاق. وقالت رئيسة الوزراء إنها تعتقد «بصدق» أن الاتفاق الذي توصلت إليه مع الاتحاد الأوروبي «صفقة رابحة»، وعلى من يعارضه أن يطرح بدائل. وبشأن التغييرات التي طرأت منذ تأجيل التصويت الشهر الماضي، ردت رئيسة الوزراء بالقول إن الاتحاد الأوروبي وافق على بعض «التغييرات»، وأنها ستواصل المحادثات مع زعماء التكتل في محاولة لإعطاء النواب «الثقة» ليدعموا الاتفاق. وأجبرت ماي على سحب التصويت على اتفاق بريكست في كانون الأول الماضي، بعدما أدركت أنها ستهزم في التصويت بأغلبية كبيرة مشددة بالقول :«لا تدعوا البحث عن الوضع المثالي يقوض ما هو جيد، لأن ذلك يخاطر بأن ينتهي الأمر بعدم الخروج من الاتحاد على الإطلاق” . وتسعى رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، لإنقاذ مسودة اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد استقالة وزير شؤون «بريكست» ووزراء آخرين احتجاجا على المسودة التي يقولون بأنها ستسجن بريطانيا في فلك التكتل (الاتحاد) لسنوات. 
 
استطلاع للرأي
ووسط حالة عدم اليقين بشأن خطوات بريطانيا المقبلة، بدءاً من الخروج من الاتحاد دون اتفاق وانتهاء بعدم الخروج من الأساس، أفاد استطلاع رأي نُشرت نتائجه بأن مزيداً من البريطانيين يريدون بقاء بلادهم في الاتحاد الأوروبي واتخاذ قرار نهائي بأنفسهم في هذا الصدد عبر إجراء استفتاء ثان. وأظهر الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة «يوغوف»، أنه في حالة إجراء استفتاء ثان على الفور فإن  46  في المئة سيصوتون لصالح بقاء بلادهم في الاتحاد بينما سيصوت 39 في المئة فقط لصالح الانسحاب، وانقسمت النسبة المتبقية بين ناخبين لم يحسموا أمرهم بعد ومن يرفضون التصويت ومن امتنعوا عن الإجابة على هذا السؤال. الاستطلاع أظهر أن 41 في المئة رأوا أن القرار الأخير بشأن الخروج ينبغي أن يحسمه استفتاء عام جديد، في حين أن 36  في المئة عبروا عن اعتقادهم بضرورة ترك هذا القرار في يد البرلمان، بحسب وكالة {رويترز}. الى ذلك كشف استطلاع للرأي بين اعضاء حزب المحافظين البريطاني الحاكم ان اغلبية الاعضاء لا يؤيدون اتفاق تيريزا ماي مع بروكسل موضحا انهم يفضلون « بريكست بدون اتفاق». واظهر الاستطلاع الذي شمل 1200 عضو من الاعضاء العاديين بحسب صحيفة الاندبندنت البريطانية معارضة ساحقة  للاتفاق الذي  حاولت ماي جاهدة انقاذه خلال الايام السابقة في محادثات مع قادة اوروبيين . وذكرت الصحيفة بان عددا كبيرا من أعضاء الحزب صرحوا للقائمين على الاستطلاع بأن رئيسة الوزراء تعاملت مع المفاوضات على نحو سيئ، حتى فشل الاتفاق الذي تسعى إليه في احترام نتائج الاستفتاء، مؤكدين أن الخروج دون اتفاق أصبح الآن الخيار الأفضل بالنسبة لهم.   
وأوضحت «الإندبندنت» أن بيانات الاستطلاع الذى أجرته شركة «يو جوف» البريطانية لصالح مبادرة مشروع أعضاء الحزب  تبرز الموقف شديد الصعوبة الذي تجد تيريزا ماي نفسها فيه -فهي تحت ضغط من مجلس العموم للنظر في إجراء استفتاء ثان مع تشديد موقفها في الوقت نفسه بينما تواجه احتمال فقدان قاعدتها الحزبية في حال تراجعت عن البريكست بأي شكل من الأشكال.
وبحسب النتائج، فإن 59 بالمئة من أعضاء الحزب يعارضون اتفاق ماي، مقارنة بـ  38 بالمئة يؤيدونه، فيما لم يكن لدى 3بالمئة من المستطلعين رأي في هذا الشأن، كما اعتبر 53 بالمئة من المستطلعين أن الاتفاق لا يحترم الاستفتاء، ورأى 42 بالمئة منهم أنه يحترمه. ولدى سؤال أعضاء الحزب عن كيفية تصويتهم في استفتاء شعبي يطرح ثلاثة خيارات هي البقاء، أو الخروج باتفاق ماي، أو الخروج دون اتفاق، اختار 57بالمئة من أعضاء الحزب الخروج دون اتفاق كخيار أول، فيما لم يختر سوى 23بالمئة منهم اتفاق ماي، وأيد 15بالمئة منهم البقاء في الاتحاد الأوروبي.
كما أظهر الاستطلاع أن أغلبية كبيرة من أعضاء الحزب يعتقدون بأن الخروج دون اتفاق سيكون له أثر إيجابي على الاقتصاد على المدى المتوسط والطويل، وأن التحذيرات من حدوث اضطراب مبالغ فيها. وبالرغم من دعمهم المتزعزع لماي واتفاقها، عارضت أغلبية ساحقة من أعضاء الحزب بنسبة 83 بالمئة فكرة إجراء انتخابات عامة، كما قالت نسبة 82بالمئة إنها لن تؤيد إجراء استفتاء ثان على البريكست.
 
تهديدات جديدة
وفي سياق الانقسام بشان بريكست طالب الالاف من اعضاء حزب العمال حزبهم بمعارضة اتفاق تيريزا ماي الخاص بخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي.  وقالت صحيفة الاوبزرفر البريطانية ان هذه الدعوة تأتي قبل تجمع حزبي رئيسي سيعقد وسط تحذيرات من ان البعض ربما ينهي عضويته بسبب موقف جيرمي كوربين رئيس الحزب حيث اكد انه سيكمل عملية الخروج حتى وان تم انتخابه رئيسا للوزراء في انتخابات مبكرة .
واوضحت الاوبزرفر ان اكثر من 5000 من اعضاء حزب العمال والمؤيدين له تواصلوا مع مسؤولي الحزب قبل اجتماع السياسة يوم غد الاربعاء . ويلتقي منتدى السياسة الوطنية في حزب العمال الذي يضم رؤساء النقابات العمالية وكبار مسؤولي الحزب ووزراء حكومة الظل غدا وسيقدم المسؤولون شهادة تفيد بأن الاعضاء المحليين يستقيلون بسبب موقف الحزب الرافض لوقف الخروج البريطاني. 
ويهدد الاعضاء بالاستقالة بسبب تردد حزب العمال بالقيام بدور اكبر في حملة تصويت الشعب والتي تنادي بضرورة اجراء استفتاء ثان على  الخروج.