بؤس المؤلف

ثقافة 2020/09/12
...

حميد المختار
 
كثيراً ما يفرح المؤلف بإكمال كتابه بعد جهد وسهر وطول معاناة وألم وعزلة، يفرح لانه أنجز جزءا مهما من مشروع حياته الضخم سواء في الشعر او في السرد او الدراسات، يفرح وهو يحتضن هذا المنجز الذي كان يحلم بإكماله، لكنه يقطع تلك الفرحة حين يفكر بطريقة النشر، 
أين؟ 
ومن هو الذي سيأخذ بيده ويتناول كتابه ويدفعه الى المطبعة؟ وأية مؤسسة تنتظر هذا الانجاز على أحرِّ من الجمر، ثم يتبين انه فرح وسعيد وحده 
فقط! 
لا احد هناك يفكر به ولا بمشروعه، يقوم المؤلف بعد ذلك بخطوة عملية حين يستعرض امامه دور النشر الموجودة في العراق وخارج العراق ويكتشف التالي: معظم دور النشر الموجودة تطبع بثمن وعادة ما تكون الاثمان عالية وحين يحسب حساباته المالية يكتشف انه لا يستطيع ان يدفع تلك الاثمان، ثم يبحث عن المؤسسات الحكومية خصوصا دار الشؤون الثقافية التابعة لوزارة الثقافة ويكتشف ان هناك لجنة تقيم المخطوطات وان اقتنعت تحيلها الى خبراء والخبراء أمزجة مختلفة وانشغالات ولن يخرج المخطوط من الخبير الا بعد ثلاثة اشهر على اقل تقدير، وانا شاهد على ذلك حين كنت عضوا في تلك اللجنة في دار الشؤون الثقافية، وحين يوافق الخبير على طبع المخطوط سيأتي ثانية لتلك الدار ويقف في طابور المخطوطات المنتظرة امام ابواب المطبعة المشغولة بطبع تلك الكتب ولن تتم عملية الطباعة قبل ثلاث او اربع سنوات ان حالف المؤلف الحظ وانا ايضا شاهد على ذلك حين كنت عضوا في تلك اللجنة وقدمت احدى رواياتي وانتظرت لثلاث سنوات حتى طبعت بشق الانفس، حينذاك سيصاب المؤلف بخيبة آمل كبيرة، ماذا سيفعل
اذن؟
ومن الذي يغامر ويطبع مخطوطته؟ أية دار وأية مؤسسة؟ وأية يد رحيمة وكريمة تلتفت اليه لتتعطف وتسهم في طباعة هذا المخطوط الذي يشكل جزءا مهما من مشروع كبير يحلم المؤلف باتمامه وحين يكبر المشروع ويصبح اسم المؤلف معروفا ومقروءا ومتابعا من قبل القراء تقبل دور النشر عليه لتطبع كتبه مجانا ولكن بلا اية حقوق، وسيطبع كتابه بنسخ كثيرة ويوزع في مختلف مكتبات العراق ويشارك في جميع المعارض 
العربية وسيكون هو المشاهد والمتابع الذي لم يدخل في جيبه فلس احمر، بل حتى عدد النسخ التي يمنحونها له لاتسع عدد اصدقائه المقربين وسيضطر الى شراء نسخ من روايته حتى يقوم باهدائها لاصدقاء يخجل منهم ولا يجرؤ على القول انها موجودة في المكتبة الفلانية يمكنك شراءها من هناك.. وفي النتيجة سيكون المؤلف في العراق بائسا ومسكينا ومظلوما ولا احد يفكر به وبحقوقه المهدورة 
دوماً..