معركة بين الحروب

آراء 2020/09/13
...

حسن جوان
 
تسلك العقائد العسكرية منذ فترة فكرة معلنة بشأن تبني منهاج الضربات التكتيكية، التي تستغل انغماس الأطراف المتنازعة في أوار معاركها، لتوجيه ضربة محدودة شرط ضمان عدم قدرة أي من الخصوم على رد تلك الضربة، التي تتوجه نحو الخاصرة الرخوة ساعة غفلة، وقد يمتد التخطيط اذا ما كان متقناً الى عدم القدرة أيضا على توجيه التهمة الى طرف بعينه، على الرغم من وضوح الجهة التي قامت بتنفيذها. 
وقد لا تكتفي هذه العقيدة التي تتبناها دول إقليمية عديدة من حولنا باختيار اهداف عسكرية او منشآت لها صلة بالبنى التحتية لخصومهم، بل قد يندرج في قائمة أهدافها شخصيات تقوم بتصفيتها تحت ذات العقيدة العسكرية المعلنة، وهناك قائمة محددة من الأسلحة، التي تتوسلها هذه الطريقة تحمل عناوين محددة وتكتيكية من اجل حصر الضرر الأشد في نطاق أهدافها المرسومة، لذا برز استخدام تسميات مثل قنبلة تكتيكية وسلاح مسيّر.. الخ. 
وتهدف هذه العقيدة في ما تهدف الى تحقيق ابلغ الخسائر في أهدافها التكتيكية من اجل تقويض فرصة الخصوم من امتلاك قدرة محتملة على المواجهة العسكرية الشاملة وشلّ –تحطيم- كل بُناه الموجهة مستقبلا نحو الاستقواء الاقتصادي او العسكري والتقني. هذا يقع تحت فلسفة منع الأطراف المقصودة من خوض حرب شاملة من خلال استغلال تورّطه في جبهات متعددة، متمثلة بوضع حربي معلن لكسب معركة خاطفة بين حروبه التي لا يمتلك القدرة ولا الإمكان للالتفات دونها تجاه خسارته لمعركة مؤجلة تقضم قدراته المادية والمعنوية بين الفترة والأخرى. 
فائدة مثل هذه العقيدة التي تجني اعتى انتصاراتها دون فتح أبواب مواجهة شاملة انها تحقق أهدافاً متسلسلة مدروسة، قد تتفوق على ما قد تجنيه في مواجهة معلنة طويلة الامد، في مقابل انها لا تتكبد خسائر تذكر في غالب المواقف والظروف، فاعلان حرب شاملة سوف يجعل من كل شيء عادلا في توجيه اللوم الدولي او احتمال انفتاح عسكري على خسائر بشرية ومادية غير متوقعة، بينما الاحتماء خلف الانكار او توجيه ضربة خارج حدودها لتجمّع ما تصفه بالإرهاب او تحت وصف ضربة استباقية بهدف منع اقتراب الخطر من حدودها، كل تلك العناوين قابلة للتمرير في ضوء الغليان الإقليمي في حروب تدور تحت شتى المستويات 
والعناوين.