سينما عراقية ضد الإرهاب

الصفحة الاخيرة 2020/09/15
...

  رضا المحمداوي 

 
 
 
من المعروف عالمياً أن هوليوود تُعتبر ناجحة جداً في الترويج لأفكارها التي تنسجمُ تماماً مع السياسة الأمريكية، فبواسطة تلك الماكنة السينمائية الضخمة، وعلى مدى حقب تأريخية طويلة وتحت مظلة الدعاية الموجهة ( البروباكَاندا) تمَّ طرح فكرة هيمنة القوة الأميركية بآلتها العسكرية الهائلة، بالتزامن مع إعلاء وتمجيد قوة الجندي الأميركي الخارق الذي لا يُقهَر.
 وبالمقابل ثمة نماذج سينمائية أميركية على وجه الخصوص أغفلها النقد السينمائي لدينا في العراق، ولم تُسلطِ  الأضواء عليها من قبل الصحافة الفنية، وتتلخّص هذه النماذج بنمط من الأفلام التي أنتجتها الماكنة السينمائية الأميركية، لكنها تَقفُ بالضدِّ من تلك التوجُّهات السينمائية السائدة، فبعض المخرجين أصحاب الأفكار الخاصة أو رُبَّما تبعاً لانتماءاتٍ أيديولوجية مُعيَّنة، وفي حقيقة الأمر نحنُ لمْ نتعمقْ في هذا الجانب، ولمْ نخضْ، كذلك ، في الأسباب والدوافع لهذا التوجّه الفكري والفني، إلاّ أن النتائج النهائية التي ظهرتْ أمامنا على الشاشة البيضاء كانت أفلاماً اتخذت موقفاً مُضاداً من الغزو الأميركي للعراق وأولتْ عنايتها في الكشف عن الجوانب الخفية لذلك الغزو، ذلك لأنَ الفعل العسكري الأميركي بقوتهِ وغطرستهِ المعروفة - ومن وجهة نظر تلك السينما المُضادة - لا بُدَّ أنهُ قد تركَ وراءَهُ الكثير من الضحايا الأبرياء والخسائر المادية والبشرية، ولهذا أخذتْ هذه النتاجات السينمائية الأميركية موقفاً مُخالفاً للنمط الشائع في تلك السينما، وتبنَّتْ إنتاج أفلام فضحتْ هذا الخطأ التاريخي القاتل الذي طالما أعلنَ عَنهُ الرؤساء الأميركان أنفسهم .
من هنا ينبثقُ سؤالنا: هل لدينا ما نقولهُ إزاء ذلك الاحتلال، الذي ما زال قائماً بتواجد القوات الاميركية في القواعد والمعسكرات العراقية؟
وكيفَ يمكنُ طرح القضية الوطنية العراقية فكرياً إزاء ذلك الحدث التاريخي، لا سيِّما أنَّ الاحتلال والتواجد العسكري الاميركي ما زال موضع جدلٍ وشدٍّ سياسي بما يفرزُهُ من تداعيات عسكرية وأمنية؟
والسؤال العام يتلخص: أين نحنُ من كلِّ ذلك سينمائياً؟
أليس لهذا الإحتلال الأميركي الطويل وتواجد القوات الاميركية على الاراضي العراقية من جوانب سلبية وتداعيات سياسية وأمنية واجتماعية يمكن ترجمتها من خلال طرح العديد من الأفكار والرؤى والتصورات التي تخصُّ هذه القضية الوطنية؟
وإذا طرحنا الموضوع الجدلي للاحتلال الأميركي وتداعياته جانباً، فأين نحنُ من قضيتنا الوطنية الأساسية الأخرى التي أصبحنا بمواجهتها بعدَ أنْ تعرَّض العراق إلى الغزو الإرهابي يوم 10/ 6/ 2014 ؟
فبعدَ ثلاث سنوات من الحرب الطويلة والصعبة التي خاضتْها القوات العراقية وبمساندة قوات التحالف الدولي انتهت بإعلان النصر النهائي على عصابات داعش يوم 17 / 12 / 2017 
لكن السنوات التالية التي أعقبتْ إعلان الانتصار على عصابات داعش شهدتْ عودة الأعمال الإرهابية في ذات المحافظات العراقية الغربية التي سبق لعصابات داعش الارهابية احتلالها، حيث ما زالتْ تشهد يومياً العديد من الفعاليات القتالية العسكرية ضد فلول داعش، وما زال خطر تلك العصابات الإرهابية قائماً حتى الآن رغم مرور ستة أعوام على بدء عمليات التحرير، التي اشتركت فيها جميع الصنوف العسكرية على اختلاف عناوينها ومسمياتها العسكرية من الجيش والشرطة والحشد الشعبي. 
وإزاء ذلك أليسَت لدينا فكرة درامية أو صورة فنية يتوجب علينا استثمارها سينمائياً لتقديم صور مُشرقة  للمقاتل العراقي والتذكير بالتضحيات الإنسانية الجسيمة والخسائر المادية الكبيرة، التي دفعنا - وما زلنا ندفعُ - ثمنها غالياً في سبيل التصدي لعصابات الموت، والإعلاء من شأن الحياة التي نبغي ونريد؟