ما ذنب خريجي كليات ومعاهد الطب لعام 2019؟

الباب المفتوح 2020/09/16
...

مر حتى الآن أكثر من عام وخريجو كليات ومعاهد الطب لعام 2019 من دون تعيين على الرغم من الوعود الكثيرة، التي قدمت لهم من مسؤولين كثر، وعلى الرغم من دعوتهم للتقديم أكثر من مرة، إذ تعرض بعض التسريبات احتمالية أنهم لن يعينوا في الأمد القريب وذلك لأسباب لها علاقة بمضاعفات الأزمة المالية، التي سببها إنخفاض أسعار النفط .
 وهنا لابد من أن نسأل الجهات المعنية: هل ناقشتم ما يسببه هذا التأخير من أثر في نفسيات الخريجين وعلى واقعهم المادي وحياتهم اليومية؟ فهؤلاء الذين قضى بعضهم في مقاعد الدراسة أكثر من ثماني عشرة سنة، منها ست سنوات في كلية الطب وحدها وصرفوا عشرات الملايين من الدنانير على دراستهم، أقتطع أغلبها من مصروف أسرهم وكد آبائهم، سوف يواجهون موقفا صعبا لا تقتصر آثاره في حياتهم الشخصية وحسب، بل وعلى حياة أسرهم وواقع البلد ال=ذي يعاني بشكل كبير من كثرة الخريجين غير المعينين، فضلا عن أثر ذلك في استقرارهم النفسي وطموحهم الوظيفي والعلمي، فبقاؤهم سنة كاملة من دون تعيين سوف يجعلهم مرة أخرى عالة على أسرهم مثلما كانوا في أثناء مدة الدراسة، لاسيما وقد بات من الصعب عليهم الحصول على عمل غير العمل الطبي، فضلا عن كون ذلك سيكون هدرا كبيرا لمجهوداتهم العلمية وتحصيلهم الدراسي، فالمشكلة المالية التي يعاني منها البلد نابعة بالدرجة الأساس من تقصير الحكومة، التي كان عليها عدم التوسع في هذا النوع من الدراسة من دون معرفة العدد الذي تحتاجه المؤسسات الصحية منهم، وعدم تأميل الدارسين فيها بالتعيين المركزي الذي كان عامل إغراء كبيرا لهم . 
فعلى الحكومة أن تفكر مليا قبل أن تصدر قرارات كهذه تهدد الحياة المهنية والشخصية للخريجين بمختلف تخصصاتهم ومهنهم، وأن تنظر في عواقب ذلك على شتى المستويات الشخصية ( شخصية الخريج ) والأسرية ( أسرة الخريج ) والمجتمعية، أما التخلص من مشكلة زيادة أعداد طالبي التعيين، فهذا لا يتم بالقرارات الحكومية المباشرة، بل بالتخطيط الشامل والدراسة العلمية المعمقة، لاسيما وبشكل أساس إحصاء أعداد الموظفين الذين تحتاجهم سنويا مؤسسات الدولة المختلفة حتى يكون بالإمكان فتح الدراسات التي تتناسب مع هذه الأعداد، لمنع أي زيادة غير ضرورية في أعداد الخريجين مع ضمان توزيعهم بين القطاعات الإنتاجية والخدمية من دون مواجهة زيادة هنا ونقص هناك، ومن دون ضياع الأيدي العاملة الماهرة والكفاءات في تخصصات ليست لها صلة بإمكانات الفرد العلمية والمهنية. 
إن من الضروري بمكان إعادة النظر في هذا القرار و القرارات الأخرى الشبيهة به، وأن يجري التوجه لتفعيل جانب التخطيط لاستيعاب الدارسين بحسب إمكانياتهم العلمية والمهنية و تبعا لحاجة الدوائر والمؤسسات إليهم حتى لا نواجه قرارات مجحفة أو محرجة كالتي نواجهها في كل مرة يعاني البلد فيها من أزمة اقتصادية أو مالية.
 
باسم محمد حبيب