ما بين سلام السادات في نهاية سبعينيات القرن الماضي وما يجري الآن فترة زمنية طويلة، قد تغيرت فيها أشياء كثيرة، أبرزها بالتأكيد ان التطبيع مع «إسرائيل» لم يعد عملا يستوجب استنكار الجامعة العربية ومقاطعة الدول، التي أقامت علاقات مع هذه الدويلة، بالمقابل سلام السادات كان مقابل الأرض وليس مقابل السلام فقط، وبالتالي يمكننا القول إنَّ اتفاقية كامب ديفيد آنذاك كانت لها دوافعها في إنهاء حالة الحرب واستعادت سيناء وتفعيل عمل قناة السويس، ناهيك عن أن السادات حينها تفاوض بعد حرب انتصر فيها وانتزع الكثير من أوراق القوة من يد تل أبيب
.
ما جرى من تطبيع الآن يمثل حالة جديدة سواء في التوقيت أو الغايات، التوقيت يخدم نتنياهو الغارق في ملفات الفساد، وترامب المتطلع لولاية ثانية، ولن يصب في أمن واستقرار المنطقة، طالما ان من بين غاياته الرئيسة دعم الرئيس الأميركي في ولايته الثانية، وثانيا تشكيل تحالفات جديدة تكون إسرائيل جزءا منها ضد إيران وهذا ما تجلى بوضوح عبر التراشق الإعلامي والرسمي بين طهران وأبو ظبي والمنامة من أن إسرائيل ستكون على مرمى حجر من المياه والأراضي الإيرانية، ونحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن إيران أو الوقوف معها، لكن بحكم أنَّ بلدنا يقع وسط هذه المنطقة الإقليمية، التي تحتاج لعلاقات قوية مع بعضها البعض بحكم الجوار والارث الثقافي وعوامل مشتركة كثيرة، بالتأكيد كان يجب أن تكون حاضرة لدى صناع القرار في كل عواصم المنطقة، وبالتالي قد نجد هذا السلام هو بداية لتوترات جديدة في المنطقة تتعدى حدود التراشق بالتصريحات، لذا فإن دول الخليج بصورة عامة يتوجب عليها أن تسعى للسلام مع إيران وتصفير كل مشكلاتها وهي ليست صعبة كما يتصور البعض بقدر ما إنها تحتاج الى قرار
شجاع.