المساواة وعدم التمييز على أساس القومية أو الدين أو اللغة أو اللون أو الثروة أو الجنس أو أي سبب آخر من اسباب التمييز، هو من الحقوق الإساسية للإنسان والتي اعترفت بها المواثيق الدولية والدساتير والقوانين الوطنية، إلّا أن ما يؤخذ على هذه الضمانة بأنها شكلية لاتؤدي من الناحية الواقعية الى مساواة حقيقية بسبب العوائق الاجتماعية والاقتصادية والقدرات البدنية، التي نتج عنها وجود فئات (ضعيفة)، مثل الاقليات وذوي الاعاقة والاطفال والنساء والفقراء وكبار السن وهكذا، ما يتطلب تمييزاً إيجابياً لصالحها بغية التقليل من حدة الآثار المترتبة على تهميشها، أي التمييز الايجابي يأتي كعلاج لتعويضها عن آثار حرمانها من المساواة الفعلية وتمكينها عن طريق التمييز، الذي سيكون بلا شك ايجابيا ومقبولا وغير متناقض مع مبدأ المساواة وعدم التمييز، بل تجسيد وتحقيق له، استنادا للحكمة التي تقول "أعط أكثر للذين يملكون أقل"، وهكذا سارت الحكومات التي تحترم الإنسان ولم يقتصر دورها على ما تختص به من مجالات وإنما امتد الى عقودها أو ترخيصها لشركات القطاع الخاص بأنْ تفرض عليها أنْ تمنح ذوي الإعاقة والنساء والأقليات نسبة معينة من الوظائف، كما كان للقضاء دور كبير في تأكيد مشروعية التمييز الايجابي وعدم تعارضه مع المساواة الشكلية الواردة في الدساتير والقوانين الوطنية، بل وجاء ضامنا لمسألة مضافة للتمييز الايجابي وهي القبول في الجامعات واتاحة مقاعد معينة لتلك الفئات، وهذا ما قضت به المحكمة العليا في الولايات المتحدة الاميركية في حزيران 2016 بأن اعتماد العرق كسبب للتمييز الايجابي في القبول في جامعة تكساس لايتنافى مع الدستور، وقد دعم هذا الاتجاه استبيان احد المعاهد المتخصصة، الذي بين تأييد 63 % من الاميركيين للتمييز
المذكور.
وبناءً على ما تقدم تجدر الاشارة الى ان اعلان اللجنة المالية في مجلس النواب عن وجود (240000) وظيفة في موازنة العام 2021، وهنا يجب على الحكومة مراعاة التمييز الايجابي في توزيعها بين ذوي الاعاقة والأسر الفقيرة والخالية من أي موظف في الدولة والنساء بلا معيل وذوي الشهداء وحملة الشهادات العليا وهكذا، وهذا سيحقق الوفاء بالتزامها الأخلاقي
والإنساني.
(*) باحث قانوني