الأوطان والأديان

آراء 2020/09/21
...

 محمد شريف أبو ميسم
لا يقتصر التأسيس الى النظام العالمي الجديد، على التبشير بالليبرالية الجديدة وتوظيف أدوات العولمة- في اطار عالم رقمي تحركه شبكة الجيل الخامس الفائقة السرعة، التي تمهد لحكومة طائفة الواحد بالمئة وهي تحتكر اقتصاد المعرفة القائم على تكنولوجيا المعلومات وعلوم النانو والتقانات الاحيائية- بل يتخذ هذا التأسيس في ملامحه الشرق أوسطية، مسارات متعددة، يتجلى الأبرز منها في توظيف البعد التاريخي لمشتركات الاديان الابراهيمية الثلاث، بهدف الوصول الى مخرج يحد من توريث الصراع في منطقة الشرق الأوسط والعالم، بالتزامن مع سياسة الاحتواء الاقتصادي لبلدان المنطقة، باتجاه خلق تنمية اقتصادية تنسحب نتائجها على الانسان والمشهد الكلي، بما يؤسس لمقبولية التعايش في ظل مشترك ديني واحد يجمع ما اتفقت عليه الأديان السماوية الثلاث ويسهم في دمجها واخراجها في ما يسمى بـ»الدين
الإبراهيمي».
انه ستراتيج معلن عن المؤسسات العلمية التي تمولها طائفة الواحد بالمئة، وفي مقدمتها جامعة هارفرد التي انطلقت منها فكرة ولادة هذا الدين قبل بضع سنوات، وليس اجتهادا شخصيا في قراءة المعطيات التي تفرزها صناعة النظام العالمي اليوم. اذ إن الحديث عن بلورة دين جديد، لا يعد خرافة وحسب في سياق معتقدات الديانات الابراهيمية الثلاث، وانما كفر لا مناص له ازاء المقدس الديني. فكيف يمكن الحديث عن مثل هذه (الخرافة) عند
العوام؟
والاجابة هنا ترتكز على الفكرة الليبرالية التي تتجاهل كبار السن وتعتمد الأجيال الجديدة في اعتناق المخرجات البحثية، التي تستهدف التلقين والتدجين عبر أدوات العولمة الثقافية استنادا لفكرة السلام والتعايش والبحث في الأخلاق وحقوق الانسان، اعتمادا على المشتركات المتفق عليها، فجميع هذه الأديان دعا لها وبشر بها أنبياء يعود نسبهم الى سيدنا ابراهيم، وجميعها أديان سماوية
وتدعو الى التوحيد وهنا المشترك، بينما سيتم تجاهل القضايا الخلافية لتختفي من على الشبكة العنكبوتية، ومن مناهج التعليم بتأثير من مؤسسات العولمة التي تديرها طائفة الواحد بالمئة، وهنا لن يختلف أحد مع هذا التوجه الداعي الى التعايش والسلام ونبذ الكراهية وتوريث الصراعات، بعد أن انتهت صلاحيتها وفق الستراتيج المتبع، بيد أن الأخطر في هذا الأمر الذي أطلقت عليه «جامعة هارفرد» بحسب مصادر مسمى «أرض المسار» هو التساؤل الذي ورد في أحد المصادر « لمن ملكية أرض المسار؟» فكان الجواب «بالتأكيد ليست لشعوب المنطقة».