رزاق عداي
أكثر الملفات حضوراً في معركة الانتخابات الاميركية الجارية حملاتها هذه الايام هي ملفات الشرق الاوسط، وابرزها ما يخص مستقبل العلاقة مع ايران والعراق.
الشرق الاوسط هو المنطقة الاكثر صراعا واحتداما في كل انحاء العالم، منذ احقاب تاريخية قديمة، واليوم هو يتحرك فوق برميل من البارود القابل للاشتعال في كل لحظة، فالجغرافية الاستثنائية لهذه المنطقة، بما تمتلكه من ثروات نفطية، وموارد مائية، ومناجم طبيعية، جعلته في معايير الجغرافية السياسية، يغرق في ما يسمونه"الحتمية " او" القدرية الجغرافية"، وهي التي دفعت القوتين الاستعماريتين - بريطانيا وفرنسا، الى ابرام اتفاقية سايكس - بيكو، في مطلع القرن العشرين وتقاسم النفوذ، وهذا ما يذكي التوترات والصراعات في هذه المنطقة من العالم حتى اليوم.
فما الذي تمخض عن الرئيسين الاميركيين المتنافسين في الانتخابات حتى
الآن؟
بايدن الديمقراطي هو صاحب مشروع تقسيم العراق الذي اطلقه منذ سنوات، عندما كانت ديمقراطية العراق مشروعا يراد له ان يكتمل، وفق اية صيغة يكون عليها العراق، حتى يحقق المشروع الأميركي مصداقيته في نشر الديمقراطية على ارجاء العالم، اما ديمقراطية العراق قد تعرضت الى مزيد من الصعوبات والتعثر، فما الذى تبقى من مشروع بايدن التقسيمي؟ لاسيما ان بعضا من الجمهوريين باتوا الاكثر حماسا في طرح المشروع نفسه وبنسبه
القديمة.
اما ايران فهي تعقد الآمال الكبار على وصول بايدن لحكم اميركا، فالامور مع ترامب وحزم عقوباته الثقيلة تسير من سيئ الى اسوأْ، اذ ربما سيكون الاقل وطأة من ترامب، وشبيها بـاوباما ، رغم ان وسائل اعلام الحزب الديمقراطي تؤكد ان ليس بوسع اي رئيس اميركي، بمختلف انتماءاته ان يغير بالقرارات والقوانين الستراتيجية التي تخص السياسة الامريكية العامة، وأمنها
القومي.
ترامب ظل مبهما الى حد ما ازاء الطرفين (العراق وايران) في الكثير تغريداته وخطاباته الانتخابية، ومن سياساته المستقبلية، في ما لو اخفق الحوار مع العراق، اذ سيكون أكثر تشددا اذا اصر العراق في سحب القوات الاميركية، مع أنه أبدى مرونة كبيرة خلال زيارة الكاظمي الاخيرة الى واشنطن ووعد بتعاون شامل مع العراق بكل الامور، وسحب تدريجي للقوات.
مع ايران يبدو أن الامور جمدت الى ما بعد الانتخابات، فاما تفاوض على صيغة جديدة في ما يتعلق بالملف النووي، فتهدأ الاوضاع نسبيا، ليس مع ايران فحسب، بل في العراق اولا لاسباب معروفة، او مواجهة ينخرط بها العراق كميدان لها من دون ان تكون له فيها ناقة
ولا جمل.