هل صدق جيمس بيكر؟

آراء 2020/09/22
...

 حسين الذكر
في لحظة قهر واحساس بالمسؤولية اضطررت لوقف سائق الستوتة المملوءة بالانقاض وهو يقتحم الشارع العام بسرعة وتهور أدى الى تطاير الاتربة وسقوط الازبال بوسط الميدان، فقلت له: (يا ابني لماذا تمش سريعا وتحمل اكثر من طاقاتك.. انت تهدم البنية وتشوه البيئة وتحطم النفوس). بعد سماعه اياي شزرني بغضب يلتهب فقال: (أولا تصورت انك ستستاجرني.. ثانيا لو لم تكن رجلا كبيرا لعلمتك كيف تكون البيئة). قطعا اني سكت وحوقلت وسلمت امر العراق الى الله، لا خوفا من هذا الامي الذي اركبوه عجلة وشوهوا أفكاره ووظفوه ليؤدي دورا تخريبيا هداما بالأمة.
أخذني صديقي للاطلاع الميداني على حال بعض الازقة والبيوت المبنية في ما يسمى بالزراعي بعد ان ضاعت مقاييس الأمانة والبلديات واختلط الطابو بالزراعي بالتجاوز.. فقد تداخلات المفاهيم السكنية والعمرانية بشكل مهول لا يمت للحضارة والتخطيط بصلة ولا يعد جزءا من حلول مؤسساتية بقدر ما هي حاجة مواطنين رماهم الدهر والعقود والحروب والحصار والإرهاب والفساد والإهمال بهذا المستنقع.
تمشيت قليلا حتى دهشت من البؤس وكثرت الازبال بتلال هي ليست نتاج اليوم، بل تمثل تراكم حروب وفساد وخراب سنوات خلت، وقد سألني أحد الساكنين عن حال رياضتنا: ( أستاذ هم يأتي يوم تعود رياضتنا لمسارها الصحيح؟) . فقلت:( متى ما تعود مركزية الدولة ويحس المسؤول بحال المواطن وتخصص الأموال لخدمة الناس، عند ذاك ممكن لرياضتنا أن ترى النور).
هنا تحديدا تذكرت الاجتماع الذي عقد بين طارق عزيز وجيمس بيكر وزير خارجية أميركا في جنيف قبل اندلاع حرب الكويت عام 1990 الذي نقل فيه بيكر لعزيز رسالة مفادها: ( اذا دخلتم الحرب ولم تنسحبوا سنعيد العراق الى عصور الظلام والجاهلية).. حدث ذلك فعلا وفهمنا فحوى تلك الرسالة الاجرامية.. لكن ليس بالدبابات والطائرات والصواريخ.. فحسب – لكان اهون – بل بتسليط الاجندات وفرض الحكومات وأنواع التدخلات.. وغير ذلك الكثير.. مما حقق نبوءة بيكر او بالأحرى الأهداف الغربية في العراق.