حارث رسمي الهيتي
الفساد في العراق كان وكأنه شماعة تعلق عليه الحكومات المتعاقبة فشلها في توفير حياة لائقة لشعبٍ يستحق الكثير والكثير، لا أزعم هنا ان تلك الحكومات كانت بريئة من الفشل، ولست مدافعاً عنها قطعاً، ولكن أقدر جيداً حجم الفساد الذي استطاعت اذرعه من الوصول الى كل شيء، اعرف جيداً كيف انه لعب بكل شيء، وحول كل شيء في عراقنا هذا الى سلعٍ قابلة للبيع والمساومة، ووسيلة للإثراء السريع، حتى تحوّل بعضهم بين ليلة وأخرى الى كبار رجال الأعمال، وأصبحت مجلات المشاهير تلاحقهم وتتحدث عن حياتهم الباذخة.
منذ أيام ونحن نتابع باهتمام كبير خطوات الحكومة الحالية في فتح بعض ملفات الفساد، كما تابعنا الترحيب الواسع بهذه الخطوات التي طالت وكنا بانتظارها منذ وقت ليس بالقصير، لكن هذه الخطوة فتحت ايضاً باباً جديداً للأسئلة، الفساد هنا يرتبط بشكل أو بآخر بالطبقة السياسية، فهو ليس بمعزلٍ عنها، فهي التي ضمنت له البيئة الآمنة لينمو خلال السنوات الماضية، وهي التي ما انفكت أن توفر له الحماية، وهذا ينطبق على العمليات الكبيرة التي سبق وأن تحدث عنها كبار رجال الدولة من تعطيل القطاع الصناعي والزراعي في العراق الى أصغرعملية
فساد.
بالامكان تحديد ثلاث طرق للتعاطي مع هذه الحملة، الأولى محاولاً تسقيطها لايمانه المطلق انه وفي حال استمرت ستطوله هو شخصياً أو تعرّض مصالحه ونفوذه للخطر، الثانية التي لا يعتبرها سوى "شو اعلامي"، الثالثة وهي حسب اعتقادي الأغلب وأجدني ميالاً لها، هو مراقبة هذه الخطوة بترحابٍ حذر، ومحاولة انتظار نتائجه وما سيتمخض عنه، محاربة الفساد واحدة من أهم اولويات أي حكومة تريد أن تثبت للشارع العراقي جديتها بتحمل المسؤولية، الفساد لم يعد كلاماً فارغاً أو مقتصراً على النخبة المثقفة أو الطبقة السياسية، الفساد اليوم معروف ومعلومة نتائجه الكارثية للجميع، وتبقى محاربته إن كانت محاربة جدية تدعو الى الحذر فالمستقبل عندنا يحكمه القلق، القلق اذا ما استمر الفساد أو نجحت هذه الحكومة بضرب الرؤوس
الكبيرة.