العنونة وعتبات النص

ثقافة 2020/09/22
...

علوان السلمان
لقد أولت المناهج النقدية الحديثة ونظريات القراءة وسيميائيات النص وجماليات التلقي، العنوان اهمية كبيرة انبثقت من كونه مكونا نصيا من جهة، والدال الذي يشكل سلطة النص من جهة اخرى، وهذا ما اهله للكشف عن طبيعة النص والمساهمة في فك رموزه، كونه عتبة seuil تتمتع بخصائص تعبيرية وجمالية كالايجاز وكثافة
 الدلالة.
إنه نصٌ موازٍ يختزل نصا عبر الترميز والتلخيص محتفظا بوظيفته الجمالية التي تتمثل في تزيين المنجز وتنميقه واضفاء الروح الجمالية، التي تثير المتلقي وتشده صوب مضمونه، من اجل تحقيق الوظيفة التداولية التي تكمن في استقطاب المتلقي
 واغوائه. 
انه عالم مستقل بوظيفته الكاشفة لمغاليق النص بما يكتنزه من علامات احالة مقصدية للنص والمتلقي، اضافة الى طاقته الايحائية، انه بؤرة تكشف عن مكنونات النص، التي تثير عددا من التأويلات على مستوى البنية العميقة المبنية على التناص الابداعي، وهو يشكل والنص بنية معادلية كبرى كما يقول جيرار جنيت.. وهو يقسم الى:
1ـ عنوان رئيس 
2ـ عنوان فرعي
 وقد جعله جيرار جينيت من النصوص الموازية الدالة التي ترافق النص الرئيس، وقسمه الى ثلاثة اقسام كما جاء في كتاب السيميوطيقيا والعنونة..
1ـ العنوان الرئيس ـ الاساس ـ
2ـ العنوان الفرعي ـ الثانوي ـ
3ـ التعيين الجنسي
 وحدد له وظائف اهمها.
1ـ تحديد هوية النص
2ـ الوظيفة الوصفية
3ـ الوظيف الدلالية الضمنية او الايحائية
4ـ الوظيفة الاغرائية 
 وتكمن اهميته في كونه اول المؤشرات التي تدخل في حوار مع المتلقي فتثير استجابته له وجذبه كي يقتحم متنه النصي لتحقيق المنفعة والمتعة للذات المنجذبة ومن ثم الكشف عن اسراره ومحتواه، او النفور
 منه.
 لذا فهو مكون نصي لا يقل اهمية عن المكونات النصية الاخرى، بل ويفوقها كونه يشكل سلطة النص وواجهته الاعلامية، انه مرآة النسيج النصي وهو الجزء الدال من النص، وهذا ما يؤهله للكشف عن طبيعة النص والاسهام في فك غموضه والوقوف على
 مضامينه. 
لذا فهو مفتاح التعامل معه في بعديه الدلالي والرمزي، لذا قيل انه (الثريا التي تضيء فضاء النص..) اوبؤرة رحمية مولدة لعتبات النص المنجز كما يقول بسام قطوس في سيمياء العنوان، ومفتاح الولوج الى دواخل النص العميقة قصد استنطاقها وتأويلها، بوصفه بنية تؤلف وحدة سردية على المستوى الدلالي والبنية الكبرى التي تنتظم تحتها، انه يتميز بصفة تنحصر باعلى اقتصاد لغوي يحمل المتلقي على
 التأويل. 
لذا فهو نص مختصر وعلامة تحمل دالها ومدلولها، انه مجموعة من الدلائل اللسانية يمكنها ان تثبت في بداية النص، مشيرة الى المضمون الاجمالي من اجل جذب الجمهور المقصود كما يقول ليو هويك (المؤسس الفعلي لعلم العنوان..)، اذ درس العنونة ورصدها رصدا سيميوطيقيا من خلال التركيز على بنائها ودلالاتها
 ووظائفها..
وبهذ فالعنوان يشكل نقطة الشروع لدخول النص، والمسهم الفاعل في الكشف عن رموزه، ولا يفوتنا ان نشير الى ان العنونة في الشعر اكثر رمزية منها في المتخيل السردي، لذا فشفرة العنوان الشعري لا تفك الا بقراءة النص..