في الادراك الحسي لـدى ســارتر

ثقافة 2020/09/22
...

أ.د. نجاح هادي كبة
اختلف راي سارتر (1905 – 1980) في تعريف الادراك الحسي عن تعريف علماء النفس للادراك الحسي فيرى سارتر: ( ان موضوع الادراك الحسي قد يحيل الى ذات مدركة... ( والوعي ) بعد كينوني للذات العارفة متجاوز للظواهر) الكينونة والعدم، جان بول سارتر، ترجمة: د. نقولا متيني ط1، بيروت،2009 م، المنظمة العربية للتربية، ص:28 اما علماء النفس فيعرفون الادراك الحسي بأنه( يوصف احيانا بأنه العملية التي بها يحصل الفرد على معرفة عن العالم الخارجي او الوسيلة التي بها يتوافق مع البيئة التي يعيش فيها.. فبالادراك نفهم الاشياء والاحداث وحين ندرك، فإننا نترجم الانطباعات التي تحدثها المثيرات البيئية على حواسنا الى وعي بالاشياء والاحداث) سيكولوجية التعلم، د. جابر عبدالحميد جابر، ط2، 1974م دار الاتحاد العربي للطباعة، مصر، ص327، ان تعريف علماء النفس للادراك الحسي بحيلنا الى نظرية الانعكاس او ما يسمى بنظرية التعلم الشرطي و اكتساب التعلم ( الذي هو المعرفة عند سارتر) يحدث لدى الفرد من ارتباط بين المثير والاستجابة ويقوى بالتدعيم. 
الا أن سارتر لديه محاذير على نظرية الانعكاس و سبق أن أكدها أصحاب النظريات المعرفية في اكتساب التعلم ان هذا النوع من التعلم السلوكي أعمى يحدث عند الفرد عن طريق الارتباط بين المثير والاستجابة وليس عن طريق التبصر والتفكير، لأن سارتر يرى ان كل وعي يموضع شيئا ما لا يمكنه أن يموضع ذاته في الوقت نفسه( ويضرب سارتر مثلا): 
( اذا كنت اعد السجاير الموجودة في هذه العلبة، فلدي انطباع بانكشاف خاصية موضوعية لهذه المجموعة من السجاير انها اثنتا عشرة يبدو وعي يموضعني وانا اعدها فانا لا اعرف نفسي من كوني أعد.. هذا لا يوجد اي انعكاس على الذات بالنسبة الى الوعي المنعكس لذاته بل على العكس من ذلك الوعي للانعكاس هو يجعل الانعكاس على الذات اي التفكير في الذات ممكنا، كي استطيع أن أعد يجب أن أعي أنني أعد) الكينونة والعدم، المصدر السابق، ص:30، هكذا ماجعل سارتر أن يرى أن المعرفة شيء خارج الكينونة يكتسبها الفرد بالوعي فلأنه – وبحسب سارتر – أن المعرفة عفوية خالصة ولا شيء يمكن أن يتجاوزه، لأن سارتر يفرق بين المعرفة والوعي، المعرفة تأتي من خارج الوعي وليس من داخله) الكينونة والعدم، المصدر السابق،ص:28 ( وموضوع المعرفة يحيل الى المعرفة والمعرفة تحيل الى الكائن العارف من هو كائن وليس من حيث هو موضوع معرفة فهي تحيل اذا الى الوعي، ليس الوعي اسلوبا معرفيا خاصا، يسمى احساسا داخليا او معرفة الذات) الكينونة والعدم، المصدر السابق، ص:28 فالوعي كما ذكر سابقا( انه بعد كينوني للذات العارفة متجاوز الظواهر) الكينونة والعدم، المصدر السابق، ص:28 فالمعرفة لدى سارتر تأتي من الخارج وبذلك تكون نسبية وتسمح للفرد بالحرية والاختيار والمعرفة متصلة ومنفصلة لما يتموضع في الخارج لأن الكينونة تكون( ذاتها) و(لذاتها) اي للآخر( واذا كانت القصدية هي الخاصية الاساسية للوعي من حيث هو وعي بشيء ما – بحسب سارتر – فإن الادراك الحسي وهو فعل الوعي يخضع لهذا القانون الجوهري) فكرة الجسم في الفلسفة الوجودية، د.حبيب الشاروني، دار التنوير، بلا، و200، ص121 ولا من ان اشير الى أن الوجوديين يرون( أن للادراك الحسي كما يتبين في ضوء الوصف الفينومينولوجي خاصية معينة هي الاحالة
 المستمرة. 
فكل فعل من الأفعال الداخلة في ادراك موضوع ما يحيل بنا الى منظر او مناظر اخرى) فكرة الجسم في الفلسفة الوجودية، المصدر السابق،ص:121-122 وهذا ما يسمى عند علماء النفس بالتأويل كما في تـأويل الشكل والارضية لدى أصحاب نظرية
 الجشطالت.