من بابل إلى هيروشيما

ثقافة 2020/09/22
...

صلاح حسن السيلاوي 
عن دار سماوات للنشر والترجمة في مسقط صدر (طريق الآلهة.. من منائر بابل إلى هيروشيما) وهو كتاب جديد في أدب الرحلات للشاعر باسم فرات يتكون من 236 صفحة، تناول فيها الكاتب، تجربته الحياتية وإنصاته لنبض المجتمع الياباني، على مدى 27 فصلًا ومقدمة وخاتمة، يتجول معه عبرها القارئ في عمق اليابان تاريخًا وجغرافية ومجتمعًا وثقافة وعقائد.
عاش الكاتب في هيروشيما على بعد دقائق عن موقع الانفجار الذري وقد تميز كتابه بلغة شعرية، ومن ميزات فرات أنه كان ينقب في ثقافات المجتمعات التي عاش بينها في دول عديدة وقد جاء هذا الكتاب حصيلة واضحة ومهمة لتنقيبه وغوصه في حياة اليابانيين على مستويات ثقافية وتاريخية واجتماعية عديدة.
ثلاثة اعوام من الدهشة قضاها فرات في هيروشيما مكنته من انجاز هذا الكتاب الذي نتعرف من خلاله على على ما لا نعرفه من حياة اليابانيين بلغة عربية غير مترجمة، فالكاتب عربي عاش وفكر بلغته الام وكتب بذات اللغة وهنا يخلصنا الكاتب من مشاكل الترجمة وما يمكن ان تضيفه او تحذفه من افكار قد تضر بحقائق معينة نبحث عنها.
يقول باسم فرات عن كتابه لـ"الصباح": أَلَّفْتُ هذا الكتاب، عرفانًا بالجميل لهيروشيما بخاصة ولليابان بعامة، حيث كان الانتقال للإقامة في هيروشيما بداية الحصول على إجابات عديدة على أسئلة ما كان لي أن أحصل على أجوبتها لولا إقامتي في هيروشيما ثم في جنوب شرق آسيا "الهند الصينية" ثم أميركا الجنوبية، وعدة دول إفريقية، فكان الترحال والاحتكاك بمئات الثقافات والمجموعات اللغوية سبيلًا مهمًّا للعثور على أجوبة لأسئلة كثيرة راودتني، أهمها التفريق بين مصطلحَي "القومية" و"الإثنية" ومصطَلَحَي "الكتابة" و"التدوين" و"الذاكرة الجمعية المكانية" التي بفضلها يمكننا أن نحدد عراقة أي مجموعة لغوية في مدن وبلدات العالم العربي، لاسيّما العراق وسوريا.
وقال ايضا: كان هاجسي في أثناء تأليف هذا الكتاب، ألا يكون عبئًا على كتبي الخمسة المنشورة، فالقلق إذًا، يجب أن يكون رفيق الكاتب كي لا تتحول الكتابة إلى تراكم كمي يخلو من الإبداع والتجاوز والإضافة والجديد، وقد عملتُ ما في وسعي، راجيًا أن أكون قد وُفّقتُ لما سعيت إليه، وأن كتابي هذا إضافة حقيقية لما أنجزتُ في أدب الرحلات، مع أمل كبير أن يكون إضافة حقيقية لأدب الرحلات في ثقافتنا العربية، ونافذة جيدة على اليابان، وفي الوقت نفسه ألتمس العذر لأي خطأ أو هنّة أو زلة وعذري أنني حاولت أن أقدم كتابًا عن بلاد الشمس عبر تجربتي الخاصة والتي أظنها متفردة، تجربة أنضجتها شوارع هيروشيما ومدن اليابان وأريافها ومراقبة الحياة اليومية والانغماس بها؛ وتوصلي إلى قناعة أن التطوّر الياباني ما كان له أن يحدث، لولا تقديس اليابانيين لوحدة بلادهم واعتزازهم الكبير بلغتهم وتاريخهم ودراستهم لمختلف العلوم والمعارف باللغة اليابانية، على الرغم من أن اللغة اليابانية تُعَدّ أصعب لغة مع الصينية بحسب مقياس صعوبة اللغات، شعب لا يشتم تاريخه ويلعنه ويهاجمه تحت ذريعة النقد، ولا يرى لغته غير صالحة للعلوم والحياة العصرية.
جدير بالذكر أن باسـم فـرات ولد في مدينة كربلاء سنة 1967 أصدر تسع مجموعات شعرية، وخمسة كتب في أدب الرحلات، وكتاب سيرة ذاتية. فاز بثلاث جوائز في أدب الرحلات خلال أعوام قليلة، كانت الأولى، جائزة ابن بطوطة (2013 – 2014 الإمارات العربية المتحدة) ثم الجائزة الأولى في أدب الرحلات جائزة ناجي جواد الساعاتي (2015 بغداد) وجائزة السلطان قابوس التقديرية للثقافة والفنون والآداب، فرع الآداب، عن كتبه الخمسة في أدب الرحلات (2019 مسقط).