من هم (الحواسم) ؟

الباب المفتوح 2020/09/22
...

نجم الشيخ داغر
 
بسبب صعوبة الحالة المعيشية وعمل ابي في القطاع الحكومي الذي يؤمن لنا دخلا متواضعا، كنا نسكن في بيوت مؤجرة لردح من الزمن، وبقينا كذلك حتى قبل اعوام قليلة سبقت سقوط الصنم وتنفسنا الصعداء، وظننت بل كنت متيقنا ان الدولة الجديدة بحكومتها الديمقراطية المنتخبة ستستهل مدتها القانونية بعمل جرد شامل لمعرفة من يملك بيتا ومن لا يملك وتبدأ بتوزيع الاراضي ونعيش في تبات
 ونبات.
تبين ان هذه التصورات كانت جزءا من أحلام اليقظة او هي هلاوس الخديعة الكبرى بالتغيير الشامل والسير نحو غد افضل، بيد ان الذي تغير شكل النظام وطبيعته فقط، وبقيت معاناة المواطن الفقير كما هي مع تحسن طفيف في بعض المفاصل الكمالية.
انصرم عقد من الزمن بعد التغيير والعقد الثاني يلفظ انفاسه الاخيرة، وما زال المواطن الفقير يحلم بالحصول على قطعة ارض يبني عليها مسكنا متواضعا بمساعدة الحكومة، كي يغلق عليه بابه ويطمئن على أولاده إن داهمه الموت، الذي لم ينفك يطوف على العراقيين في كل
 لحظة.
المشكلة أن لا مشكلة تمنع من توزيع الاراضي المذكورة بين الأسر التي لا تملك منزلا او تلك التي تتنقل بين المنازل المؤجرة، سوى المزاج الحكومي الذي يبدو انه لا يعجبه ان يمتلك كل عراقي بيتا
 مستقلا.
لدينا اراضٍ خالية شاسعة في مختلف المحافظات، وسيولة مالية مودعة لدى المصارف الحكومية تجعلها قادرة على تسليف المواطنين الى جنب المصرف العقاري ومصرف الاسكان، ومع ذلك لا نرى أيَ تقدمٍ في هذا الملف، في الوقت نفسه الذي يصرح به اكثر المسؤولين ايام الانتخابات ان العراق بحاجة الى خمسة ملايين وحدة
 سكنية.
مع كل هذا التراخي في حل المشكلة المشار اليها والتي باتت تهدد النسيج الاجتماعي، نرى ان البعض من المسؤولين الحكوميين يطالب بازالة التجاوزات او منع المواطنين اذا استولوا على بعض الاراضي التابعة للدولة، بغية تشييد منازل لهم تسترهم وتقيهم من حر الصيف وصقيع الشتاء، بل من التشرد، وتطلق عليهم اسم
 «الحواسم».
نعم نحن لسنا مع التجاوز على الاراضي التابعة لمؤسسات الدولة او حتى تلك التي لا مالك لها من دون ترخيص حكومي، ولكن الى متى تبقى هذه المعاناة وهل من المعقول واللائق بالأسرة العراقية ان تبقى بلا مسكن مع كل هذه الخيرات التي تعوم عليها البلاد!، وهل يليق أن يطلق عليها صفة «الحواسم» ان اضطرت الى تشييد منزل من البلوك او الصفيح في ارض مملوكة للدولة، ام ان هذه الصفة تليق باولئك المسؤولين الذين استولوا على قصور واراضٍ ومزارع تابعة لأزلام النظام
 المباد؟.